أخبارأخبار سريعةعين الحدث الافريقي

حين تشتد الأزمات… يتقدم الملك

ليست الأزمات في المغرب طارئة، لكن الثابت فيها أن الدولة، بقيادة الملك محمد السادس، لا تتأخر عن شعبها ساعة الشدة. فكلما ضاقت الأحوال، واشتدت المحن، كان الحضور الملكي سابقًا للحدث، حاسمًا في القرار، وإنسانيًا في التدخل.

هذه السنة لم تكن عادية. فقد اهتزّ الرأي العام الوطني على وقع فاجعتين مؤلمتين: فيضانات آسفي التي كشفت هشاشة البنية في مواجهة غضب الطبيعة، وانهيار عمارتين بمدينة فاس، بما حمله من حزن وأسئلة ثقيلة حول السلامة والمسؤولية. جراح لم تندمل بعد، قبل أن يطل الشتاء القارس بوجهه الصعب، خاصة على ساكنة الجبال والدواوير النائية.

في خضم هذا السياق، يأتي تدخل الملك ليؤكد من جديد أن الإنسان في صلب السياسات العمومية. فبتعليمات سامية، أطلقت مؤسسة محمد الخامس للتضامن عملية وطنية واسعة لمواجهة موجة البرد، عملية لا تُقرأ فقط بالأرقام، بل بما تحمله من دلالات: دولة لا تكتفي بالتشخيص، بل تتحرك ميدانيًا، وبمنطق الاستباق لا رد الفعل.

ثمانية وعشرون إقليماً، ثلاثة وسبعون ألف أسرة، تعبئة لوجستية وبشرية، أطر طبية ومساعدون اجتماعيون، تنسيق محكم بين مؤسسة التضامن ووزارة الداخلية والقوات المسلحة الملكية والدرك… ليست مجرد حملة موسمية، بل نموذج في تدبير الأزمات، عنوانه: لا أحد يُترك وحيدًا في البرد.

والأهم من ذلك، أن التعليمات الملكية لم تتوقف عند توزيع المساعدات، بل شملت رفع الجاهزية، تفعيل مراكز القيادة واليقظة، ضمان التموين، فك العزلة، حماية الأرواح والممتلكات، وحتى صون الثروة الحيوانية. رؤية شمولية تدرك أن الكرامة الإنسانية لا تتجزأ.

في زمن تتراجع فيه ثقة الشعوب في مؤسساتها، يراكم المغرب تجربة مختلفة: ملكية مواطِنة، قريبة من نبض الشارع، حاضرة في الفرح كما في الألم. وما بين فواجع فاس وآسفي، وبرد الجبال القاسي، تتأكد حقيقة واحدة: أن هذا الوطن، رغم كل التحديات، له سند لا ينسى شعبه.

إنها رسائل متجددة مفادها أن قوة الدولة ليست في صرامة قراراتها فقط، بل في دفء إنسانيتها. وحين يكون هذا الدفء بتوجيه من أعلى سلطة في البلاد، فإن الأمل يصبح سياسة، والتضامن يتحول إلى فعل.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button