Hot eventsأخبار

الإعلام العمومي… إخفاقات تتكرر و صورة وطن تُشوَّه

لم يعد ما يقع في القنوات العمومية مجرد هفوات عابرة يمكن تجاوزها، بل أصبح ظاهرة مقلقة تعكس حجم الترهل الذي يعيشه هذا القطاع الحيوي. ففي أحدث حلقة من مسلسل الأخطاء المهنية، حولت قنوات العرايشي الذكرى الثانية و الستين إلى الثانية و السبعين في تقرير رسمي للقناة الثانية ، و كأن التاريخ الوطني مجرد تفاصيل يمكن العبث بها دون تدقيق أو مراجعة.

هذا العبث لم يبدأ اليوم، ولن ينتهي عند هذه السقطة. فقبلها تم توصيف ولي العهد الأمير مولاي الحسن بـ”الأميرة”، ثم جاءت التغطية المرتبكة لاستقبال المنتخب الوطني عقب إنجازه التاريخي في مونديال قطر، لتكشف هشاشة التنسيق و ضعف الأداء. أما الخطأ الأكثر فداحة فكان خلال بث احد الأنشطة لصاحب الجلالة ، عندما أظهرت لقطة “Grand Plan” تفاصيل دقيقة عن الحالة الصحية لجلالة الملك، في تصرف مهني غير مسؤول يسيء لصورة الدولة و للإعلام الرسمي على حد سواء.

و رغم جسامة هذه الإخفاقات، ظل المشهد على حاله : لا محاسبة و لا مساءلة، بل إن المسؤولين عن هذا الخطاء تم التمديد له عبر العقد بعد الإحالة على التقاعد، و كأن التسيب أصبح مكافأة و ليس خطأً يستوجب العقوبة. و هو واقع يطرح سؤالاً جوهرياً: أين هي مبادئ ربط المسؤولية بالمحاسبة التي يفترض أن تحكم مؤسسات عمومية تموَّل من أموال الشعب؟

في زمن الراحل الحسن الثاني طيب ثراه، كان خطأ واحد في بروتوكول بث النشاط الملكي كفيلاً بإقالة المدير العام فوراً، حرصاً على قدسية و دقة الصورة الرسمية. أما اليوم، فقد أصبح العبث هو العنوان العريض لإعلام عمومي يستهلك ميزانيات ضخمة دون أن ينجح في تحقيق الحد الأدنى من المهنية أو الانضباط.

إن استمرار هذه الاختلالات يسيء لسمعة الإعلام الوطني و يضع صورة البلاد في مهب الارتجال و الفوضى. ومن هنا، فإن الإصلاح العميق لم يعد ترفاً بل واجباً وطنياً عاجلاً، يبدأ بإعادة هيكلة الإدارة، و تكريس حكامة صارمة، و تعيين كفاءات حقيقية قادرة على استعادة ثقة المغاربة في إعلامهم العمومي، و صون هيبة مؤسسات الدولة التي يفترض أن يخدمها هذا الإعلام لا أن يسيء إليها.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button