المغرب يعزز تموقعه الصناعي في إفريقيا: “لافارج هولسيم” تدشن مصنع إسمنت متكامل في الكاميرون
في خطوة تعكس الحضور المتصاعد للمغرب على الساحة الاقتصادية الإفريقية،تم يوم 12 يونيو 2025 تدشين مصنع متكامل لإنتاج الكلنكر والإسمنت بمدينة فيغيل شمال الكاميرون بحضور الوزير الأول الكاميروني جوزيف ديون نغوت وعدد من أعضاء الحكومة إلى جانب وفد رفيع يمثل شركة لافارج هولسيم المغرب إفريقيا (LHMA)،عبر فرعها المحلي “Cimfig”.
هذا المصنع الأول من نوعه في المنطقة الشمالية للكاميرون تصل طاقته الإنتاجية إلى 500 ألف طن سنويا وسيرفع الطاقة الإجمالية لشركة Cimencam إلى 2.3 مليون طن ما يجعلها فاعلا استراتيجيات في سوق الإسمنت الكاميروني.وقد بلغت كلفة المشروع حوالي 65 مليار فرنك إفريقي (أكثر من مليار درهم مغربي) بتمويل من تحالف بنكي تقوده SCB Cameroun التابعة لمجموعة التجاري وفا بنك المغربية.
– رؤية مغربية للتنمية المشتركة
أكد سعيد الهادي رئيس مجلس إدارة LHMA،أن المشروع لا يندرج فقط ضمن إطار التوسع الصناعي بل يجسد رؤية استراتيجية مغربية لتفعيل الشراكة جنوب-جنوب وتعزيز اندماج المملكة في الاقتصاد الإفريقي مع اعتماد مقاربة تقوم على نقل التكنولوجيا- خلق فرص الشغل وتوطين الخبرات الصناعية.
– انعكاسات تنموية على المدى المتوسط
يتوقع أن يسهم المصنع الجديد في:
• خلق مئات فرص العمل المباشرة وغير المباشرة.
• تحريك سلاسل التوريد المحلية من المواد الخام والخدمات اللوجستية.
• تقليص واردات الكلنكر وتعزيز السيادة الصناعية الكاميرونية.
• تمكين المنطقة الشمالية من بنية تحتية صناعية جديدة.
– الدور المغربي في إفريقيا: من التعاون إلى القيادة الاقتصادية الهادئة
لا يمكن فصل هذا المشروع عن الدينامية الأشمل التي يقودها المغرب في القارة الإفريقية والتي ترتكز على ثلاث دعائم رئيسية:
1. دبلوماسية اقتصادية مرنة توازن بين المنفعة المتبادلة والاحترام السيادي.
2. نقل الخبرة وتدويل المقاولات المغربية،خصوصا في قطاعات البنية التحتية- الأبناك-الاتصالات والطاقة.
3. توطين مشاريع واقعية وقابلة للاستدامة.
يمثل هذا التوجه استراتيجية دولة تتجاوز منطق الربح السريع نحو بناء علاقات استراتيجية طويلة الأمد،حيث يحرص المغرب على تقديم نفسه كشريك موثوق وفاعل مسؤول في تنمية إفريقيا،خصوصا في ظل هشاشة عدد من النماذج التقليدية للاستثمار الأجنبي في القارة.
مشروع مصنع الإسمنت في الكاميرون هو نموذج ملموس لهذا التحول: رأسمال وخبرة مغربية-تمويل بنكي مغربي وتنفيذ على الأرض بشراكة مع الدولة المحلية. إنه تكريس لصيغة تعاون جديدة،تضع المغرب في موقع متقدم كـ”قوة ناعمة صناعية” تسهم في تحقيق التحول الاقتصادي الإفريقي من الداخل.
إن تدشين مصنع “لافارج هولسيم” الجديد ليس مجرد إنجاز صناعي،بل خطوة إضافية في مسار طويل يسلكه المغرب بثبات نحو لعب أدوار قيادية داخل القارة الإفريقية،مستندا إلى الثقة-الابتكار والمقاربة التشاركية. نموذج يؤكد أن مستقبل إفريقيا يبنى من داخلها وبأيدي أبنائها وشركائها الحقيقيين.
