أخبارالحكومةالرئيسيةالناس و الحياةمجتمع

وثيقة شبابية شعبية تضع مطالب الإصلاح أمام جلالة الملك

في خطوة غير مسبوقة، وجّهت مجموعة من الشباب المغاربة وثيقة شعبية إلى جلالة الملك محمد السادس، تضمّنت تشخيصاً مباشراً لأزمة الثقة في المؤسسات السياسية القائمة، وفي مقدمتها الحكومة، البرلمان، والأحزاب. وجاء في الوثيقة أن هذه المؤسسات تحوّلت، بدل أن تكون رافعة للتنمية والديمقراطية، إلى “عائق حقيقي أمام تقدم الوطن”.

أكد الشباب الموقّعون على الرسالة أنهم ينتمون إلى جيل جديد يرفض الاستمرار في دوامة الفساد والفشل، ويؤمن بأن مستقبل المغرب يمرّ عبر تجاوز المؤسسات العاجزة وإعادة بناء الثقة بين الدولة والشعب على أساس المحاسبة، العدالة الاجتماعية، وضمان الحقوق والحريات.

الوثيقة قُدمت بلغة مباشرة تضع الملك في صلب النقاش باعتباره الضامن الأول للسير العادل للمؤسسات، وتضمنت ثمانية مطالب محورية، أبرزها:

  1. إقالة الحكومة الحالية بدعوى عجزها عن حماية القدرة الشرائية وضمان العدالة الاجتماعية.
  2. إعلان مسار شامل لمحاسبة الفاسدين وتفعيل آليات الرقابة والمساءلة.
  3. حلّ الأحزاب السياسية المتورطة في الفساد والتي تحوّلت إلى أدوات لخدمة مصالح خاصة بدل الصالح العام.
  4. تفعيل مبدأ المساواة وعدم التمييز، وضمان تكافؤ الفرص في التعليم، الصحة، والشغل.
  5. تعزيز حرية التعبير والاحتجاج السلمي، ووقف المتابعات التي تستهدف الشباب والطلبة والفاعلين المدنيين.
  6. إطلاق سراح المعتقلين على خلفية الاحتجاجات السلمية، باعتبارهم مواطنين عبّروا سلمياً عن مطالب اجتماعية مشروعة.
  7. الإفراج عن معتقلي الرأي والانخراط في مصالحة وطنية شاملة.
  8. عقد جلسة وطنية علنية للمساءلة بحضور الشعب، ترأسها الملك، للكشف عن ملفات الفساد ومحاسبة المتورطين فيها.

الوثيقة تعبّر عن جيل جديد من الشباب المغربي الذي يرفع صوته بشكل مباشر بعيداً عن الوسائط السياسية التقليدية، في رسالة واضحة بأن الثقة في الحكومة والأحزاب وصلت إلى أدنى مستوياتها. ويُلاحظ أن الخطاب تبنى مرجعية دستورية في الاستناد إلى فصول بعينها (19، 23، 29، 42، 47…)، وهو ما يمنحه قوة قانونية وسياسية.

كما أن التركيز على قيم الشفافية، المساءلة، المساواة، وضمان الحقوق يعكس تطلعات نحو عقد اجتماعي جديد يربط المسؤولية بالمحاسبة ويقطع مع الفساد والريع.

من المنتظر أن تُثير هذه الوثيقة جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والإعلامية، بين من سيعتبرها مبادرة إصلاحية جريئة تعبّر عن نبض الشارع، ومن قد يراها تحدياً للمؤسسات القائمة. لكن تبقى الإشارة الأقوى أن الشباب باتوا يطالبون اليوم بـ”إعادة تأسيس الثقة” بين الشعب والدولة، عبر خطوات ملموسة تعزز الديمقراطية وتضمن العدالة الاجتماعية.

هذه الوثيقة تمثل لحظة سياسية فارقة في علاقة الشباب المغربي بالمؤسسات، وتكشف أن المطالب الإصلاحية لم تعد تقتصر على تحسين شروط المعيشة فقط، بل باتت مرتبطة بشكل مباشر بضرورة إصلاح عميق يربط المسؤولية بالمحاسبة، ويضمن توازن السلطة والحقوق.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button