أخبارالرئيسيةتقارير وملفات

استقطاب الحرفيين المغاربة: انتهاك دبلوماسي أم اعتراف بالمهارة؟

كشفت تقارير إعلامية عن محاولات دبلوماسية جزائرية لاستقطاب عدد كبير من الحرفيين المغاربة المتخصصين في صناعة الزليج التقليدي،وهو فن مغربي أصيل اشتهر عالميا.

و وفقا لموقع “صحيفة”،الذي تأسس عن المركز المتوسطي للدراسات الاستراتيجية،تعمل القنصلية الجزائرية في مدينة وجدة على استقطاب أكثر من 350 عاملا مغربيا في هذا المجال،عبر وسطاء في قطاع البناء،بهدف نقلهم للعمل في الجزائر.

انتهاك دبلوماسي أم استغلال للمهارات؟

في هذا السياق،انتقد أحد الخبراء المغاربة هذه الخطوة،مشيرا إلى أن القنصل الجزائري في وجدة انتهك اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية لعام 1963،التي تحدد أدوار القنصليات بشكل صارم في إدارة الشؤون الإدارية لرعاياها فقط،دون التدخل في شؤون دولة أخرى.واعتبر أن هذه المحاولة تدخل “سافر وغير قانوني”،حيث نظمت القنصلية عملية تجنيد سرية لحرفيي الزليج المغربي،مما يعد انتهاكا واضحا للسيادة المغربية.

منذ قطع العلاقات الدبلوماسية بين المغرب والجزائر عام 2021،لم يعد للقنصلية الجزائرية أي مبرر للتواصل مع المواطنين المغاربة.كما أن فرض الجزائر التأشيرة على المغاربة يجعل هذه المحاولة أكثر تناقضا ،حيث يمنع المواطنون العاديون من الدخول إلى الجزائر بينما تبذل جهود لاستقطاب الخبرات المغربية في مجالات محددة.

مفارقة اقتصادية: العداء السياسي والاحتياج للحرفيين المغاربة

أحد أكثر الجوانب المثيرة في هذه القضية هو التناقض في السياسة الجزائرية,فمن جهة،تتبنى الجزائر مواقف عدائية تجاه المغرب على الساحة الدولية،وتفرض قيودا على تنقل الأفراد،لكنها في الوقت نفسه تسعى لاستقطاب الخبرات المغربية في الصناعات التقليدية لتعويض نقص الكفاءات المحلية.

يشير الخبير المغربي إلى أن هذه الخطوة تعكس عجز الجزائر عن تطوير مهاراتها الحرفية،مما دفعها إلى اللجوء إلى الحرفيين المغاربة المهرة،رغم القطيعة الدبلوماسية. كما يرى أن هذه المحاولة تؤكد قيمة الصناعة التقليدية المغربية،التي تعتبر من أعمدة الاقتصاد المحلي،حيث توفر فرص عمل لملايين المغاربة وتُحقق انتشارا عالميا.

الصناعة التقليدية المغربية: إرث ثقافي ورافد اقتصادي

يعرف المغرب بكونه أحد أغنى الدول العربية في مجال الصناعات التقليدية، حيث تضم مدن مثل فاس-مراكش وسلا ورشات متخصصة في الزليج-الأثاث التقليدي-المجوهرات والملابس التراثية. وتعد الصناعة التقليدية من القطاعات المشغلة للآلاف،إذ يقدر عدد العاملين فيها بنحو 2.4 مليون شخص.

وفقا لإحصاءات رسمية، شكلت الصناعات التقليدية 17% من إجمالي القطاع الصناعي،أي ما يعادل 420 ألف صانع وصانعة،بينما حققت صادرات الزليج المغربي ارتفاعا ملحوظا بين 2016 و2022.وتعد الولايات المتحدة أكبر مستورد لهذا المنتج المغربي بنسبة 68%،تليها الأسواق الأوروبية بـ 18%. كما شهد عدد ورش صناعة الزليج في المغرب نموا كبيرا،حيث ارتفع من 78 ورشة عام 1995 إلى 246 ورشة في 2022، بزيادة 215%.

المغرب يحتفظ بريادته رغم محاولات الاستقطاب

يرى المتابعون أن محاولات الجزائر لاستقطاب الحرفيين المغاربة ليست سوى اعتراف غير مباشر بتفوق المغرب في هذا المجال.ومع تزايد الطلب العالمي على الزليج المغربي، يظل المغرب في موقع قوة،حيث تحميه خبراته المتجذرة وإرثه الثقافي الذي لا يمكن نسخه أو استنساخه.

أما من الناحية الدبلوماسية،فقد تشكل هذه الواقعة سابقة خطيرة تستدعي موقفا رسميا من السلطات المغربية،لضمان حماية الحرفيين المغاربة من أي استغلال غير قانوني، والحفاظ على الهوية الثقافية المغربية في مواجهة محاولات “الاستحواذ”.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button