
بقلم: يوسف مسفيوي
البارحة، توجهتُ إلى المستشفى طلبًا للعلاج، بعد سنواتٍ من المعاناة الصامتة مع ألمٍ في المعدة، ألم استوطنني منذ ما يقارب العقد، وصار جزءًا من يومي. لم يكن المرض وحده يؤلمني، بل الفقر أيضًا، ذلك الضيف الثقيل الذي لا يغادر، والذي يسهم كل يوم في تعميق أزمتي الصحية والنفسية.
داخل المستشفى، لم يكن المشهد غريبًا عن واقع نعرفه جيدًا، لكنه كان صادمًا برغم الألفة. ازدحامٌ خانق، وجوه متعبة، صرخات من الألم، نظرات تائهة تبحث عن بصيص أمل.
هناك، شعرت لوهلة أننا نعيش مشهدًا من يوم القيامة، حيث يُسأل الناس عن ما اقترفوه من ذنوب، لا أمام ميزان العدالة الإلهية، بل أمام عبث الواقع، وظلم النظام الصحي، وقسوة الحياة.
رجل مقعد يُدفع على كرسي متحرك نحو غرفة الفحص، لكن الحارس يوقفه ببرود: “انتظر دورك”. في زاوية أخرى، يدخل أحدهم دون انتظار، لأنه – ببساطة – يحمل في جيبه “عشرين درهمًا”.
ما زلنا، في زمن يُشترى فيه الحق بثمن بخس، وتُباع فيه كرامة المريض عند عتبة باب المستشفى.
في هذه الفوضى، يتساءل الإنسان عن مستقبله، عن معنى كرامته، عن موقعه في هذا البلد الذي لا ينصف أبناءه الفقراء.
كيف يُمكن للمرء أن يفكر في غدٍ أفضل، إذا كان الوصول إلى حقه في العلاج يتطلب نقودًا قبل أن يتطلب ألمًا؟ لقد خرجت من هناك محملًا بوجع لا يشبه أوجاع المعدة، بل أوجاع أمة تنهار من الداخل.
وجع الفقر، ووجع الظلم، ووجع السؤال الأبدي: هل الحياة حقٌّ للجميع؟ أم لمن يملك ثمنها فقط؟



