Hot eventsأخبارعين العقل

نافخ النار في هشيم النفوس

بقلم الاستاذ: مولاي الحسن بنسيدي علي

في كل زمان ومكان، يظهر من بين الناس من يُضرم النار في النفوس، ويؤجج الفتن في العقول، لا لشيء إلا ليصنع من الرماد عرشًا، ومن اللهيب موطئ قدم. نسمّيه “نافخ النار”، ذاك الذي يتقن إشعال الفتن، ويجيد التحريض، مستترًا وراء قناع السياسة أو الثقافة أو حتى النبوغ الزائف.

نافخ النار قد يكون سياسيًا يلهي الناس بزعامات وهمية، أو رئيس مؤسسة يجعل من المنصب منصة لتفريق الصفوف، أو شاعرًا ومفكرًا أو شيخ طريقة يلبس عباءة الحكمة وهو في حقيقته داعية وهم، يسوّق الإيديولوجيات المفخخة، ويفرض آراءه بلسان الحق، وهي أبعد ما تكون عنه. يطلق العنان للخطاب الجوف، وينفخ في نار العصبية، ويختلق المعارك الفكرية، لا ليرتقي بالعقول، بل ليشتت القلوب ويخدم غايته في التسلّط والتفرقة.

يستخدم لغةً ماكرة، شعاره “فرّق تسد”، يخطب في الناس ليفتنهم، لا ليبنيهم. يحرّك ضعاف النفوس كقطع شطرنج، فتراهم ينهش بعضهم بعضًا، يلعنون، ويسبّون، ويطعنون في الأعراض، وقد سُلبت منهم البصيرة، وانشغلوا بمعارك وهمية لا تُغني ولا تُثمر.

ونسوا، أو تناسوا، أن النار التي أوقدها ھذا النافخ في الرماد، ستكون أول ما يأكله هو وأتباعه. فالفتنة إذا اشتعلت، لا تفرّق بين موقدها وضحيتها، ومن حفر بئرًا لغيره وقع فيه.

أصبح لكل حزب ومؤسسة، بل لكل زاوية في الحياة، نافخ.. يحرّك أتباعه بالخداع والتضليل، ويمنعهم من التفكير في البناء والنماء، فلا هم يزرعون، ولا هم يحصدون، بل كل همّهم إشعال المزيد من النيران… حتى إذا احترقوا، ظنّوا أن الدفء خلاصهم!

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button