أخبارالذكاء الاصطناعي AIالرئيسيةفي الصميم

زهير أصدور..يحلل الذكاء الاصطناعي والتنمية البشرية..رهان على الإنسان أم استسلام للآلة؟

في عالم يتسارع بخطى مذهلة نحو المستقبل، تفرض علينا التكنولوجيا، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي، أسئلة جوهرية عن المصير والاختيار. هل سنكون مجرد متلقين سلبيين لما تفرضه الخوارزميات؟ أم أننا قادرون على إعادة توجيه البوصلة لصالح الإنسان وكرامته؟ هذه الإشكالات هي جوهر تقرير التنمية البشرية لسنة 2025، الصادر تحت عنوان بالغ الدلالة: “رهنٌ بخيار: الإنسان والإمكانات في عصر الذكاء الاصطناعي”.

ليس الذكاء الاصطناعي شبحاً تكنولوجياً قادماً من المجهول، بل هو انعكاس دقيق لأولوياتنا المجتمعية، واختياراتنا السياسية، ونماذجنا الاقتصادية. التقرير يحذر من أن هذه التكنولوجيا قد لا تكون منصفة بطبعها، بل هي محملة، كمرآة، بكل التحيزات والتفاوتات التي نعاني منها أساساً.

لذلك، فإن السؤال الحقيقي ليس: “ماذا يمكن أن يفعل الذكاء الاصطناعي؟”، بل: “ماذا نريد نحن أن نفعل به؟”.منذ سنوات، شهدنا تباطؤاً مقلقاً في مؤشرات التنمية البشرية، وخاصة في الدول النامية، مع اتساع الفجوات بين الأغنياء والفقراء، وبين الدول المرتفعة والمنخفضة الدخل.

وجاء الذكاء الاصطناعي ليفتح باباً جديداً: إما أن نستخدمه لتكريس هذه الفجوات، أو نُسخّره لتضييقها. كل شيء يعتمد على القرار السياسي، والرؤية الأخلاقية، والمشاركة المجتمعية.التقرير لا يدعو إلى رفض التكنولوجيا، بل إلى “ترويضها” وجعلها أداة لخدمة الإنسان، لا بديلاً عنه. ويقترح ثلاث مداخل استراتيجية:

أولًا، اقتصاد يقوم على التكامل بين الإنسان والآلة، لا على التنافس القاتل.

ثانيًا، قيادة الابتكار بتصميم يضع الإنسان في المركز لا في الهامش.

وثالثًا، استثمار في القدرات البشرية عبر التعليم والرعاية الصحية، لأن الإنسان هو الأصل والغاية.

أمام هذا المنعطف التاريخي، لم يعد الحياد خياراً. إما أن نكون مجتمعات تصوغ التكنولوجيا وفق قيمها الإنسانية، أو نترك التكنولوجيا تصوغ مصيرنا وفق منطق السوق والهيمنة.

ولعل أبلغ ما قاله التقرير: “الذكاء الاصطناعي لا ينزع صفحات من كتاب التنمية، بل يضيف إليه صفحات ضبابية. هو يوسّع المسارات الممكنة، وإن لم يزد ملامحها وضوحاً”.

في النهاية، الذكاء الاصطناعي ليس قدراً. إنه رهنٌ بخيار. والخيار لنا.

**زهير أصدور؛ رئيس مؤسسة عيون لحقوق الإنسان. رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في الرياضة.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button