
فاس/ حنان الطيبي
مرة أخرى، تنهار بناية سكنية في قلب مدينة مغربية، وهذه المرة في فاس، حي الحسني بندباب بالتحديد؛ تسعة أرواح بريئة أزهقت، بينهم أطفال، وسبعة جرحى يرقدون تحت وطأة الألم والذهول..؛ حدث ذلك فجر الجمعة 9 ماي 2025، بينما كان السكان نائمين، لكنهم استيقظوا – أو لم يستيقظوا أبدا – على جبل من الإسمنت المنهار، فهل كان قدرهم أن يدفنوا أحياء في بيوتهم؟ أم أن هناك مسؤولين ناموا عن واجبهم، فاستفاق الناس على مأساة؟لقد سئم المغاربة من العبارات الجاهزة: “نحقق في الأسباب”، “فتح تحقيق”، “مأساة مؤلمة”… كلها أصبحت قوالب مستهلكة تقال بعد كل فاجعة، دون أن يتغير شيء..، قبل سنوات، انهارت بنايات في الدار البيضاء، ثم في طنجة ثم تطوان واليوم فاس، وغدا؟ من التالي؟ هل يجب أن نستعد جميعا للموت داخل منازلنا؟.
إن تكرار هذه الكوارث يضع علامات استفهام صارخة حول منظومة مراقبة البناء، وسلامة البنايات القديمة، ودور الجماعات المحلية والمصالح التقنية ومكاتب الدراسات، وحتى وزارة إعداد التراب الوطني.
من الذي سمح ببقاء عمارة متهالكة، بها تصدعات مرئية، مأهولة بالسكان؟ أين كانت التقارير الهندسية؟ هل كانت هناك تحذيرات تجاهلتها الجهات المعنية؟ وهل تقاس حياة الناس بثمن ورقة إصلاح أو تقرير مفقود؟إن ما حدث في فاس ليس مجرد حادث عرضي، بل جريمة صامتة شارك فيها الإهمال والفساد والتقاعس الإداري رمة واحدة..، جريمة لا تغتفر، لأنها لم تقتل فقط، بل هزت ثقة المواطنين في الحكومة مرة اخرى، في معنى الأمان داخل منازلهم.
نحن لا نطالب اليوم بمواساة، لم نعد نحتاج لمن يطبطب على الأكتاف او حتى لمن يضمد الجرح، ما نحتاجه حقا هو المحاسبة، وربط المسؤولية بالمحاسبة لا يجب ان تكون خبرا على ورق او مجرد هتاف.لا نريد تصريحات باردة، بل قرارات صارمة، تحمل المسؤولية لمن تسبب في هذا الحزن الجماعي.
لا يكفي أن ترسل فرق الإنقاذ بعد الكارثة، بل يجب أن نمنع الكارثة قبل أن تقع من الأساس، المواطن المغربي يستحق أن يعيش في بيت آمن، لا أن يتحول منزله إلى قبر من إسمنت وحديد.
فاس تنزف، ومغاربة كثيرون معها، لكن الأمل لا يزال قائمًا… إذا امتلكنا الشجاعة للاعتراف بأن الاستهتار بحياة الناس يجب أن يتوقف. الآن، وليس بعد فاجعة أخرى.