تحالف مغربي-موريتاني-إماراتي..شراكة استراتيجية تعيد رسم توازنات غرب إفريقيا

في تطور يعكس تحولا في المعادلات الإقليمية بمنطقة الساحل وغرب إفريقيا،كشف معهد “أوريزون” المتخصص في القضايا الاستراتيجية عن وجود مباحثات سرية متقدمة بين المغرب وموريتانيا والإمارات العربية المتحدة، بهدف إرساء شراكة ثلاثية واعدة، يرتقب أن تتحول إلى نواة مركز إقليمي جديد للتنمية والاستقرار.
ووفقا للتقرير الصادر عن المعهد، فإن هذه المباحثات تتقدم بثبات،وسط مؤشرات قوية على أن نهاية العام 2025 قد تشهد إعلانا رسميا عن انطلاق هذه المبادرة متعددة الأبعاد، والتي تجمع بين طموحات اقتصادية عابرة للحدود وأهداف استراتيجية تتعلق بإعادة التموقع في الخارطة الجيوسياسية الإفريقية.
أهداف اقتصادية وأبعاد استراتيجية
تشير المعطيات إلى أن هذه الشراكة الثلاثية ستركز في مرحلتها الأولى على الشق الاقتصادي من خلال مشاريع تنموية واستثمارية،أبرزها في مجالات البنية التحتية- الخدمات اللوجستية- الطاقة المتجددة والموانئ الأطلسية.
كما تراهن الدول الثلاث على توظيف القدرات اللوجستية للمغرب والموقع الجغرافي الاستراتيجي لموريتانيا والقوة التمويلية والتكنولوجية للإمارات،لتشكيل تحالف قادر على الدفع بعجلة التنمية في منطقة تعد من أكثر المناطق هشاشة على المستويين السياسي والاقتصادي.
ومن شأن هذه المبادرة أن تسهم في تعزيز التكامل الاقتصادي بين بلدان المنطقة وإطلاق آليات جديدة للتعاون الاستراتيجي،بما يمهد لتأسيس نظام إقليمي جديد يتجاوز منطق التبعية ويقوم على الاستباقية الدبلوماسية والابتكار التنموي.
المغرب في واجهة مبادرة إقليمية متقدمة
يحمل هذا المشروع بصمة واضحة للرؤية الجيو-اقتصادية للمغرب،التي ما فتئت تركز على التكامل مع العمق الإفريقي وخلق فضاءات إقليمية جديدة خارج الأطر التقليدية،عبر تحالفات مرنة وشراكات متعددة الأطراف.
وفي هذا السياق تلعب الرباط دورا مركزيا في صياغة هذه المبادرة، مستندة إلى نجاحاتها السابقة في مجال التعاون جنوب-جنوب وتوسعها اللوجستي في غرب إفريقيا،خاصة من خلال ميناء الداخلة الأطلسي قيد الإنجاز والمشاريع البنكية والصناعية القائمة في دول الساحل.
فرصة حاسمة لدول الساحل الإفريقي
بحسب التقرير،فإن هذه المبادرة ليست موجهة ضد أي طرف، بل تستهدف تحقيق شراكة مفتوحة لصالح الاستقرار والتنمية في كامل منطقة غرب إفريقيا، بما في ذلك دول مثل مالي-النيجر-وبوركينا فاسو التي تواجه تحديات أمنية واقتصادية متراكمة.
وتمكن الرؤية المغربية،المدعومة بالإمكانات الإماراتية هذه الدول من الوصول إلى المحيط الأطلسي،ما قد يحول موريتانيا إلى بوابة تنموية حقيقية لصالح الداخل الإفريقي ويخلق طرقا جديدة للتجارة والتكامل الاقتصادي بعيدا عن الممرات التقليدية التي باتت معرضة للاضطرابات السياسية.
انعكاسات إقليمية ودولية محتملة
إذا ما تم تفعيل هذا التحالف الثلاثي، فإن تأثيره لن يقتصر على دوله الأعضاء فقط، بل سيمتد إلى إعادة ترتيب العلاقات الإقليمية في منطقة الساحل والصحراء،وسيدفع لاعبين دوليين – مثل فرنسا وروسيا – إلى إعادة النظر في استراتيجياتهم في غرب إفريقيا.
كما أنه سيمنح المغرب والإمارات حليفين رئيسيين في العالم العربي، منصة نفوذ جديدة في قلب القارة قائمة على التنمية لا التدخل وعلى التعاون لا الهيمنة.



