Hot eventsأخبارأخبار سريعةجهات المملكةقضاء وقانونمجتمع

عاصفة في جماعة الرباط: اعتقالات وفضيحة رخصة مطعم تربك كبار مسؤولي العاصمة

شهد مجلس جماعة الرباط هزة غير مسبوقة،بعدما أقدمت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية على توقيف مدير المصالح لحظة عودته من مهمة دبلوماسية خارج الوطن،إلى جانب استدعاء مسؤولين كبار في قسم التعمير والشؤون الاقتصادية في إطار تحقيق قضائي دقيق تشرف عليه النيابة العامة بمحكمة الاستئناف.

القضية،بحسب معطيات أولية تتعلق بملف منح ترخيص مشبوه لمطعم فاخر وسط العاصمة في ظروف وصفت بأنها تشوبها “اختلالات جسيمة” وسط شبهات بتزوير وتواطؤ محتمل بين مسؤولين إداريين،ما يهدد بإسقاط أسماء ثقيلة في هرم الإدارة الجماعية.

– أزمة محلية تكشف أعطابا وطنية

ما يحدث في مجلس جماعة الرباط لا يمكن عزله عن الإشكال البنيوي الذي يطبع تسيير عدد من المجالس المنتخبة في المغرب،حيث ما تزال مظاهر الفساد وتضارب المصالح وغياب الحكامة الجيدة تفرغ مشروع الجهوية المتقدمة واللاتمركز من مضمونه الحقيقي.

فرغم البرامج الوطنية لمحاربة الفساد في الإدارة والتقارير الدورية التي تصدرها مؤسسات رقابية مثل المجلس الأعلى للحسابات،ما تزال الجماعات المحلية تشكل أحد أكثر مستويات التدبير عرضة للاختلالات بسبب ضعف الرقابة الداخلية وتداخل الصلاحيات وغياب آليات الزجر الفوري.

– مأزق الأغلبية المسيرة… وصمت العمدة

توقيف مدير المصالح،المعروف بقربه من العمدة يشكل تحديا مباشرا للأغلبية المسيرة لمجلس العاصمة ويضع مشروعها الانتخابي على المحك.فالمسؤول الموقوف كان يحضر تمثيليات دولية مهمة،رغم ملاحظات رقابية متكررة حول وضعيته الإدارية ما يطرح علامات استفهام حول مدى تغاضي المنتخبين عن الخروقات داخل مصالح الجماعة.

كما يسجل غياب أي توضيح رسمي أو تفاعل من طرف رئيسة المجلس مع هذه التطورات وهو ما يعمق حالة الغموض والارتباك داخل الجماعة ويغدي الشكوك حول احتمالية امتداد التحقيقات إلى المستويات السياسية.

– اختبار جدي لاستقلالية النيابة العامة

تشكل هذه القضية أيضا اختبارا حقيقيا لاستقلالية القضاء،خاصة وأن الملف يمس مسؤولين محسوبين على هيئات سياسية وازنة،كما يأتي في سياق حديث ملكي متكرر عن ضرورة ربط المسؤولية بالمحاسبة وتفعيل الرقابة على تدبير المال العام.

وفي حال وجدت دلائل قوية على تورط مسؤولين في تزوير أو تسهيل تمرير تراخيص مخالفة للقانون،فإن من شأن ذلك أن يشكل سابقة في تنزيل ربط المسؤولية بالمحاسبة داخل الجماعات الترابية.

– ما بعد الفضيحة: هل تتحرك وزارة الداخلية؟

يبقى السؤال الكبير: هل ستكتفي وزارة الداخلية بدور المتفرج على تطورات التحقيق،أم أن الملف سيدفعها إلى إعادة النظر في آليات تعيين مسؤولي الجماعات وتكثيف عمليات التفتيش والمراقبة المباشرة على تدبير شؤون العاصمة؟

السوابق تشير إلى أن الوزارة كثيرا ما تدخلت بتعيينات أو تغييرات بعد فضائح مشابهة،لكن تكرار هذه الحالات يكشف أن الأمر لا يتطلب فقط معالجة إدارية،بل إصلاحا عميقا لمنظومة الحكامة المحلية.

تتجاوز فضيحة الترخيص المشبوه مجرد حادث عرضي في جماعة محلية،إنها مرآة تعكس الأعطاب التي ما تزال تعيق ورش الإصلاح الترابي في المغرب.وبين التحقيقات الجارية وتداعياتها السياسية،يبقى الأمل معلقا على إرادة حقيقية في كسر حلقة الإفلات من العقاب،وبناء نموذج جديد للإدارة المحلية قوامه الشفافية-النجاعة،وخدمة الصالح العام.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button