حين يقصى الإصلاح ويهمش الضمير: قراءة في استقالة القيدوم الاعلامي المفخرة عبد السلام العزوزي وصراع الإعلام مع عقدة الآخر

بقلم القبطان عبد اللھ دكدوك
بالنيابة عن كل غيور على مهنة الصحافة الحقيقية، ورداً على من كانوا سبباً مباشراً أو غير مباشر في دفع الأستاذ عبد السلام العزوزي إلى تقديم استقالته، أقول:
إن استقالة الأستاذ عبد السلام العزوزي لم تكن مجرد مغادرة إدارية لهياكل الفيدرالية، بل كانت صرخة ضمير حي، واختياراً موجعاً فرضته ظروف لم تعد تسمح لبصمة جادة ومشروع إصلاحي نزيه أن يستمر وسط ما وصفه بحق بـ”المسار التدبيري غير السليم”.
السبب الحقيقي، الذي قد يحاول البعض تغييبه أو تزييفه، هو أن الإعلام المغربي، على الرغم من كل المبادرات والانفتاحات الشكلية، ما زال يعاني من عقدة “الآخر”: الآخر المختلف في الرؤية، في الأسلوب، في النزاهة الفكرية، وفي روح النقد البناء.
العزوزي لم يُقصَ لأنه أخطأ، بل لأنه أراد أن يُصلح. لم يُهمش لأنه لا يمتلك الشرعية، بل لأن شرعيته كانت تؤرق من جعلوا من التنظيم واجهة لا تؤمن إلا بالتقارير المعلبة والعلاقات المصلحية.
الوجع الحقيقي هو أن الكفاءات تُستنزف في الصراعات الهامشية، وأن اللجان تُعلق حين تكون فعالة، وأن العقل يُقصى حين لا يصفق. هذا هو لبّ الأزمة، وهذا ما رفضه الأستاذ العزوزي بجرأة ومسؤولية.
إلى من ساهموا، بتقاعسهم أو بنرجسيتهم أو بتسلطهم، في دفع رجل من طينة العزوزي إلى الخروج من الصف: أضعتم فرصة ثمينة لبناء إعلام مهني يليق بتحولات المغرب وكرامة الصحفيين. وها أنتم تحصدون مزيداً من الفتور والجمود وفقدان الثقة.
ويبقى سؤال المرحلة:
هل سنظل نخاف من “الآخر” داخل المؤسسة، أم سنعترف بأن التنوع في الرأي والتشارك في القرار هو ما يصنع مستقبل الإعلام لا خرابه؟
الأستاذ عبد السلام العزوزي لم يستقل من حبه للإعلام، بل استقال من مناخ لم يعد يتسع للقيم التي يحملها.
والتاريخ، كما عهدناه، لا ينسى.



