Hot eventsأخبارأخبار سريعةثقافة و فنجهات المملكةمجتمع

فوضى في كواليس موازين: الدورة العشرين تتحول إلى خيبة إعلامية وتنظيمية

تحولت الدورة العشرون من مهرجان “موازين.. إيقاعات العالم” إلى مصدر لخيبة أمل كبيرة في أوساط الصحافيين والجمهور،بعدما كانت تنتظر كفرصة للاحتفال بعشرين سنة من التراكم الفني والتنظيمي.وبدلا من أن تعكس هذه النسخة نضج أحد أكبر المهرجانات الفنية في المنطقة كشفت عن ارتباك عميق في التنظيم وسوء في التواصل أثارا موجة واسعة من الانتقادات.

ففي الوقت الذي يفترض فيه أن يكون الإعلام الوطني شريكا رئيسيا في إنجاح التظاهرة،فوجئ العديد من الصحافيين المنتمين لمؤسسات إعلامية وطنية بارزة بما وصفوه بـ”سوء المعاملة” و”اللامهنية” في التواصل معهم.التأخر في تقديم المعلومات،القرارات المرتجلةوعدم وضوح البرامج والمواعيد،كلها مظاهر اعتبرها المهنيون مؤشرا على ضعف في الإعداد وقصور في تقدير أهمية العمل الإعلامي.
وكنتيجة لهذا الوضع،قررت مجموعة من الصحافيين مقاطعة تغطية المهرجان في خطوة احتجاجية على ما وصفوه بـ”تهميش ممنهج” للإعلام الوطني و”احتقار ضمني” لدوره في التعريف بالمهرجان ومواكبته.وقد انعكس ذلك بوضوح في مشهد الندوات الصحافية التي بدت باهتة ومفتقرة للحضور الإعلامي مقارنة بما عهدته الدورات السابقة من تغطية محلية ودولية واسعة.

>ومن أبرز علامات الارتباك التي أثارت استغراب الصحافيين القرار المفاجئ للجنة المنظمة باعتماد “فيلا الفنون” كمقر لعقد الندوات الصحافية وذلك قبل أقل من 48 ساعة على انطلاق المهرجان،ما خلق حالة من الارتباك والارتجال بسبب غياب أي إشعار رسمي أو تنسيق مسبق مع المعنيين.

حتى على المستوى اللوجستي لم تسلم تفاصيل بسيطة كاعتمادات الدخول من الفوضى حيث تأخر توزيع البطاقات وتعرض عدد من الصحافيين لمضايقات على مستوى التنقل والوصول إلى المنصات مما حد من قدرتهم على تغطية الحدث وأدى إلى ظهور تغطيات إعلامية باهتة لا تليق بحجم مهرجان دولي.
أما التغطية الرقمية فقد كانت بدورها ضحية غياب الرؤية والتخطيط فلا بث مباشر للندوات على المنصات الرسمية ولا محتوى آني يعكس اللحظات المهمة من المهرجان ما أثار تساؤلات حول مدى إدراك المنظمين لأهمية التواصل الرقمي اليوم في نقل الحدث إلى جمهور أوسع.
الجمهور بدوره لم يكن أوفر حظا،إذ عبر العديد من الحاضرين عن استيائهم من سوء التنظيم،خصوصا خلال حفل الفنان اللبناني وائل جسار بالمسرح الوطني محمد الخامس حيث اشتكى عدد من الحاضرين من غياب مقاعدهم رغم اقتنائهم لتذاكر مرتفعة الثمن وهو ما خلق أجواء من الفوضى والتذمر.
وفي قراءة أعمق لما حدث يتبين أن نجاح أي تظاهرة فنية كبرى لا يتوقف فقط على الأسماء التي تصعد إلى الخشبة،بل على القدرة التنظيمية والتواصلية التي تدار بها الكواليس. فالمهرجانات العالمية تبنى على ثلاث ركائز: تنظيم محكم-تواصل احترافي واحترام دور الإعلام. وكلما غابت هذه العناصر،اهتزت صورة المهرجان وفقد بريقه مهما بلغت ميزانيته أو برمجته الفنية.
تجارب دولية كثيرة أثبتت أن الرهان اليوم ليس فقط على الإبهار،بل على المهنية والدقة في التفاصيل،بدءا من التخطيط المسبق،مرورا بالتنسيق مع الصحافة وانتهاء بخلق تجربة سلسة ومحترمة للجمهور.من هذا المنطلق تطرح أسئلة حقيقية حول قدرة اللجنة المنظمة على تجديد أدواتها وتطوير مقاربتها حتى لا تفقد “موازين” مكانتها وتتحول من منصة إشعاع فني إلى محطة ارتباك مؤسف.
في بلد يراهن على الثقافة كجسر للتواصل الدولي وعلى الفن كأداة ناعمة لصياغة صورته في الخارج تتحول الهفوات التنظيمية في تظاهرات كبرى مثل “موازين” من مجرد تفاصيل تقنية إلى مؤشرات مقلقة حول غياب رؤية استراتيجية لتدبير الشأن الثقافي.ما وقع في دورة العشرين لا يمكن اختزاله في أخطاء ظرفية،بل يجب أن يقرأ كجرس إنذار حقيقي ينبه إلى الحاجة الملحة لإعادة التفكير في فلسفة تنظيم المهرجانات بالمغرب،بما يضمن لها الجودة والاستدامة ويعيد لها ثقة جمهورها ومهنيي الإعلام والفن على حد سواء.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button