شهادة يقظة متأخرة

.
قالوا: صحوتَ — وليسوا أدرى بسباتي منّي،
قالوا: أينعتَ — وما عرفوا كم رشدهم بعيد عنّي،
قالوا: وعيتَ — وما كانوا أدرى بما علمتُ ووعيت مني،
قالوا: صبرتَ — وما علموا أنّ وجع الجهل منهم أضناني…
لم يكن سُهادي خياراً، بل كذلك أرادوني،
لم أكن سفيهاً، وإن ادّعَوا، فإنهم من ربّاني،
لم أكن عمّا حولي تائهاً، وإن اقتاتت روحي من مائدتهم غذائي،
لم يكن الصبر طبعي، لكنهم عليه طبّعوني…
لا مهرب لي من البوح الصريح، إذ إليه عقلي هداني،
عرفتُ دائي ودوائي، فلا يلوموني،
تلك صفوفهم لن ألتحق بها، ولو ناداني صداها،
طريقي سأشقّه، ما دام عنهم يبعدني،
عليّ التوقير، ما دام السِّلم قائماً بيني وبينهم،
عليهم أن يفكّوا الحصار ويرفعوا أيديهم،
ولن ..
قالوا: نسيتَ — وبوهم ما ظنّوا طاروا فرحاً،
وهل يُنسى جُرحٌ غائر من عزيز؟
وهل يُنسى احتراق النزيف؟
قالوا: شبَّ على الذلّ، فماذا يُرجى بعده عند المشيب؟
أخطأوا — فهم من شبّوا على الذل وشابوا،
وما كنتُ إلا شهيداً على ما رأيت…
دخل الوقتَ، ولا أكره لي من الجمع،
فدعوني إليها، فإن فات الوقتُ فاتت،
ولن أكون بعدها، كما لم يكونوا…
عبداللطيف زكي
الرباط، في 20 يونيو 2025



