قوائم المشاهدة في الإمارات تعكس تحولًا نحو المحتوى الكوري والهندي وسط تنوع متزايد

كشفت دراسة تحليلية أجرتها “فوربس الشرق الأوسط” لبيانات البث الرقمي في دولة الإمارات العربية المتحدة، للفترة الممتدة من يونيو 2021 إلى يونيو 2025، عن تحول لافت في سلوكيات المشاهدة. تميز هذا التحول بتسارع في وتيرة استهلاك المحتوى، وتنوع متزايد في الخيارات، بالإضافة إلى ارتفاع مستويات الانتقائية والوعي الثقافي لدى الجمهور.
– تغير سلوك المشاهدة وتأثير المنصات الرقمية
بعد أن كانت الطفرة في استهلاك المحتوى الرقمي عند الطلب خلال جائحة كوفيد-19 تُعد استجابة ظرفية، فقد تحوّلت تدريجيًا إلى سلوك مستقر يعكس تغيّرات في المشهد الإعلامي. أظهرت البيانات أن المشاهد الإماراتي لم يعد يقتصر على منصة واحدة، بل بات يتنقل بين المنصات العالمية مثل نتفليكس، أمازون برايم فيديو، وآبل تي في بلس، والمنصات الإقليمية مثل شاهد وStarzPlay، وفقًا لاهتماماته وتفضيلاته.
أصبحت المنصات الرقمية أكثر استجابة لميول الجمهور، خاصة مع تصاعد الطلب على المحتوى العربي، الهندي، الكوري، والتركي. أدى ذلك إلى توسيع المكتبات الرقمية لتتجاوز الإنتاجات الهوليوودية التقليدية، مع تحول الترجمة والدبلجة من عناصر تكميلية إلى معايير أساسية ضمن تجربة المستخدم.
– إكسبو 2020 دبي وتأثيره على الثقافة الإعلامية
كان لإكسبو 2020 دبي أثر بالغ في تعزيز الفخر المحلي بالسرد القصصي، ودعم الشراكات الإنتاجية الإقليمية. كما أسهم هذا الحدث العالمي في تشجيع ثقافة إعلامية جديدة تجمع بين الذائقة العالمية والتطلعات المحلية.
– تغيرات في قوائم الأكثر مشاهدة عبر المنصات
في منتصف عام 2021، كانت قوائم المشاهدة في نتفليكس الإمارات تعكس التوجهات العالمية بهيمنة الإنتاجات الناطقة بالإنجليزية. غير أن بوادر الانفتاح على المحتوى غير الإنجليزي بدأت بالظهور من خلال أعمال إسبانية وفرنسية.
بحلول يونيو 2025، أصبح هذا التحول أكثر وضوحًا، حيث دخلت أعمال كورية مثل “Our Unwritten Seoul” و”Tastefully Yours” ضمن قائمة الأكثر مشاهدة، إلى جانب أفلام هندية مثل “Sikander”، وأعمال إقليمية مثل “Retro” و”HIT: The Third Case”. كما برزت الوثائقيات العابرة للحدود مثل “American Manhunt: The Search for Osama bin Laden” و”Cold Case: The Tylenol Murders”، محققة نسب مشاهدة مرتفعة محليًا وعالميًا، مما يشير إلى الاهتمام المتزايد بسرديات الجريمة الحقيقية العابرة للثقافات.
احتفظت نتفليكس بأربعة أعمال مشتركة ضمن قوائم “الأكثر مشاهدة” في الإمارات، الولايات المتحدة، وعلى مستوى العالم خلال الفترتين، لكن هذه الأعمال تطورت من حيث النوع والمضمون، حيث باتت الأعمال الكورية، الهندية، واليابانية أكثر حضورًا إلى جانب الإنجليزية.
بالنسبة لمنصة آبل تي في بلس، أظهرت بيانات 2025 تشابهًا كبيرًا في أنماط المشاهدة بين الجمهور الإماراتي والعالمي، مع وجود 8 أفلام و7 مسلسلات مشتركة، بما في ذلك أعمال أصلية مثل “Severance” و”Murderbot” و”Ted Lasso”.
في المقابل، تبنت أمازون برايم فيديو نهجًا أكثر خصوصية تجاه السوق الإماراتية، حيث عمدت إلى تضمين أفلام جنوب آسيوية مثل “Sarangapani Jathakam” و”Veera Dheera Sooran: Part 2″، لتلبية اهتمامات الجالية الجنوب آسيوية الكبيرة في الدولة، مما يعكس فعالية استراتيجيات المحتوى المستهدِفة لفئات سكانية محددة.
– تطور تفضيلات الجمهور وأنواع المحتوى الشائع
بين عامي 2021 و2025، تطورت تفضيلات الجمهور الإماراتي تجاه أنواع درامية بعينها. ففي البداية، كانت برامج الواقع، والرومانسية، والخيال تتصدر المشهد، لكن بحلول عام 2025، أبدى الجمهور اهتمامًا متزايدًا بأعمال الجريمة والغموض، لا سيما الوثائقيات المستندة إلى أحداث حقيقية.
كما ارتفعت شعبية الدراما الكورية، والتي تمزج بين عناصر الغموض والرومانسية والنقد الاجتماعي، مدفوعة بتأثير موجة الكيبوب والشعبية الواسعة لدى فئة الشباب. بالرغم من هذا التغير، حافظت أنواع الأكشن والخيال العلمي على شعبيتها.
– تنوع الجمهور والتأثير العالمي على المشاهدة
بحلول عام 2025، بات واضحًا أن سلوك المشاهدة في الإمارات يتميز بطابعه العالمي، حيث يشكل المواطنون أقل من 12% من إجمالي السكان. هذا التنوع الثقافي واللغوي انعكس بوضوح على قوائم المشاهدة، حيث أصبحت الأعمال الكورية، الهندية، العربية، واليابانية جزءًا رئيسيًا من التجربة الترفيهية اليومية.
من خلال تحسين خدمات الترجمة والدبلجة، وتقديم واجهات مستخدم باللغة العربية، وتكثيف الحملات الترويجية الموجهة إقليميًا، تمكنت نتفليكس وغيرها من المنصات من توسيع نطاق تأثيرها وتعزيز حضورها بين شرائح متنوعة من الجمهور.
تُظهر هذه التحولات أن جمهور الإمارات لم يعد مجرد متلقٍّ للمحتوى العالمي، بل أصبح شريكًا فاعلًا في تشكيل توجهات البث الرقمي.



