Hot eventsأخبارأخبار سريعةثقافة و فنجهات المملكة

ختام مبهر للدورة 26 لمهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة: تمازج فني وحوار ثقافي

أسدل الستار، مساء أمس السبت، على فعاليات الدورة السادسة والعشرين لمهرجان كناوة وموسيقى العالم، بعد ثلاثة أيام من التمازج الفني والحوار الثقافي، عاش خلالها جمهور الصويرة تجربة موسيقية وروحية استثنائية، عابرة للحدود والأنماط.

وقد عرفت هذه الدورة إقبالًا جماهيريًا واسعًا، حيث استمتع الزوار بعروض موسيقية راقية جمعت بين روح الكناوة العريقة وتنوع الإيقاعات العالمية، ما جعل من مدينة الرياح قبلة لعشاق الأصالة الموسيقية وفضاء للتفكير في قضايا الهجرة والحركيات البشرية وعلاقتها بالديناميات الثقافية.

– ليلة التمازج الموسيقي: كناوة وكردستان يلتقيان في باب مراكش

في مسرح برج باب مراكش، صدحت أصوات وإيقاعات قوية ومتكاملة لمدرستين موسيقيتين، جسدهما كل من المعلم حسن بوصو والمجموعة الكردية “مشروع نيشتمان”. في أجواء حميمية راقية داخل فضاء البرج المطل على أسوار مدينة الرياح، كان الجمهور على موعد مع عالمين فنيين متجذرين في ذاكرة جماعية عميقة، حيث ترك كل منهما بصمته الفريدة والمعبرة.

استهل المعلم حسن بوصو السهرة، مقدمًا عرضًا وفيًا لتقاليد فن الكناوة، مزج فيه بين إيقاعات “الكمبري” وصدى “القراقب” والأنشاد المتوارثة. وبمرافقة فرقته الموسيقية، منح عشاق الفن الكناوي لحظات من المتعة الفنية، تكريمًا لمعلمي كناوة. وقدم بوصو ريبيرتوارًا غنيًا بتنوعه، متنقلًا بين الطاقة الطقسية لـ”الليلة” والانسيابات الإيقاعية الحالمة، ضمن أداء اتسم بتواصل متناغم مع الجمهور، حظي بإشادة كبيرة لما طبعته من صدق فني وتجذر في تراث كناوة الحي.

أعرب المعلم حسن بوصو عن سعادته بالمشاركة مجددًا في هذا المهرجان، مؤكدًا على الأهمية المحورية التي يضطلع بها المهرجان في الحفاظ على فن كناوة، وتثمينه ونقله، عبر تمكين المعلمين من منصة إشعاع وطنية ودولية، وتشجيع الأجيال الجديدة على تبني هذا التراث، وتعزيز التلاقح مع تقاليد موسيقية من مختلف أنحاء العالم.

بعد ذلك، جاء دور مجموعة “مشروع نيشتمان”، التي حملت الجمهور في رحلة موسيقية إلى أعالي كردستان، عبر مشهد صوتي مستلهم من تأثيرات موسيقية متنوعة. وقد أضفت آلات تقليدية مثل “الكمانشة”، و**”الدف”، و”السانتور”** أجواء آسرة بمسرح برج باب مراكش. اختار أعضاء الفرقة الانغماس التام في ريبيرتوارهم الخاص، مؤدين عرضًا مكثفًا وعميقًا في مضمونه، ومفعمًا بشعر شفوي نابض بالحياة. وتنهل المجموعة من التقاليد الموسيقية لمناطق كردستان المختلفة، حيث تمزج بين آلات قديمة كـ”الطنبور” و”الكمانشة” و”الدف” و”الدودوك”، وتوظيفات معاصرة تعكس روح البحث والتجديد.

– إبداع نسائي وتمازج عالمي على منصة مولاي الحسن
في واحدة من أبرز لحظات المهرجان، أطلت الفنانة الكناوية هند النعيرة، ابنة مدينة الصويرة، على جمهور منصة مولاي الحسن بأداء أخاذ تميز بعفويته القوية وعمقه الروحي، حيث ألهبت هذا الفضاء التاريخي بعرض باهر مزج بين العذوبة والقوة. ومع كل نغمة وكل حركة، أكدت هند النعيرة مكانتها كأحد أبرز الوجوه النسائية في مشهد الكناوة المغربي المعاصر، مجددة الوصل بين الموروث والحداثة.

شهدت المنصة ذاتها عرضًا موسيقيًا مذهلاً جمع المعلم محمد بومزوغ وأنس شليح من المغرب، إلى جانب موسيقيين عالميين من فرنسا وكوت ديفوار، من ضمنهم تاو إيرليش، مارتن غيربان، وكوينتن غوماري وعلي كايتا. وتميز العرض بانصهار آلات “الكمبري” و”القراقب” مع البلافون، والدرامز، والساكسفون والبوق، لينثر هذا المزج الفني الدهشة الموسيقية على الجمهور بتوليفات صوتية متنوعة وارتجالات جريئة.

ومع تصاعد النشوة الموسيقية، التحقت الفنانة هاجر العلوي بالمجموعة في لحظة انصهار فني وجماهيري، لتضيف إلى العرض لمسة أنثوية مشبعة بالإحساس والقوة. كما شهدت الليلة ذاتها لحظة خاصة مع الفنان عمر حياة، الذي بعذوبة صوته وتواصله الصادق، نجح في خلق لحظة وجد جماعي على منصة مولاي الحسن.

وكان الجمهور على موعد أيضًا مع عرض “سيمافنك” الذي يجمع بين الروح الاستعراضية والفنية، ورسائل موسيقية تحتفي بالحرية والتنوع والانتماء الأفرو-لاتيني، حيث سادت أجواء من الانسجام الموسيقي العابر للثقافات. وشهدت سهرة سيمافنك لقاء فريدًا بين الثقافة الكوبية والروح الكناوية المغربية، تمثل في أداء مشترك جمعه بالمعلم خالد صانصي.

– أرقام ومواضيع محورية
استضافت الدورة الـ26 لمهرجان كناوة وموسيقى العالم، التي نظمت تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، من 19 إلى 21 يونيو الجاري، 350 فنانًا، من بينهم 40 معلمًا كناويًا، قدموا 54 حفلًا موسيقيًا.

وبالموازاة مع الحفلات الموسيقية، انعقدت الدورة الثانية عشرة لمنتدى حقوق الإنسان، تحت شعار “الحركيات البشرية والديناميات الثقافية”، بشراكة مع مجلس الجالية المغربية بالخارج. وأتاح هذا المنتدى فرصة لتوسيع النقاش حول المساهمات الثقافية للهجرات والجاليات بالنسبة لبلدان الأصل والعبور والوجهة.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button