موقف الجزائر الغامض من الهجوم الإيراني على قطر

في أعقاب الهجوم الصاروخي الذي أعلنت إيران تبنيه رسمياً ضد قاعدة “العديد” الأمريكية في قطر، وجدت الجزائر نفسها في موقف دبلوماسي لا تُحسد عليه، وسط موجة من الإدانات العربية الصريحة التي اعتبرت الاستهداف مساساً بسيادة دولة عربية شقيقة.
بينما كانت التوقعات تشير إلى موقف جزائري واضح ينسجم مع موجة الاستنكار الإقليمي للهجوم على قاعدة “العديد” الأمريكية في قطر، اختارت وزارة الخارجية الجزائرية إصدار بيان بصيغة مبهمة. تحدث البيان عن “الانتهاكات” دون تسمية المعتدي صراحة أو تحميله أية مسؤولية، مما وضع الجزائر في مأزق دبلوماسي أمام الإجماع العربي.
وفي بيان صادر عن وزارة الشؤون الخارجية، أعربت الجزائر عن “شديد انشغالها وبالغ قلقها” إزاء التصعيد المتنامي في منطقة الشرق الأوسط. وصف البيان ما حدث بأنه “انتهاكات لسيادة دولة قطر الشقيقة وحرمة ترابها”، مؤكداً وقوف الجزائر إلى جانب قطر في مواجهة هذه “المحنة” وتجاوز تبعاتها. ورغم تبني إيران للهجوم الصاروخي، فإن البيان الجزائري تجنب الإشارة المباشرة إلى الجهة المسؤولة عن الهجوم، مكتفياً بإدانة هذه “الانتهاكات الصارخة وغير المقبولة”.
في وقت سارعت فيه معظم العواصم العربية إلى إدانة واضحة وصريحة للهجوم الإيراني على دولة شقيقة ذات سيادة، فضّلت الجزائر لعب دور “الوسيط القلق”. بدا الموقف الجزائري وكأنه محاولة لرفع الحرج عن إيران وحرصاً على عدم المساس بعلاقاتها مع طهران. يسلط هذا الموقف المرتبك الضوء مجدداً على التناقضات الكثيرة في السياسة الخارجية الجزائرية، حيث تواصل البلاد انتهاج سياسة الموازنة الهشة بين خطاب التضامن العربي وخياراتها الجيوسياسية. هذا التناقض يضعها في صلب محاور قد تكون مناوئة للإجماع العربي، ما يضعف يوماً بعد يوم مصداقية مواقفها وفاعليتها الإقليمية في القضايا الحساسة التي تمس الأمن الإقليمي.



