Hot eventsأخبارأخبار سريعةعين العقل

صرخة كاتب..؟

بقلم الاستاذ: مولاي الحسن بنسيدي علي

لسنا نكتب لنعرض مواهبنا، ولا لنتباهى بقواميس اللغة و البلاغة، فما أقلّ ما تشفي الزينة حين تفتقد الروح. نكتب لأن ثمة شعوراً يلحّ في دواخلنا، يضجّ في القلب كأنّه أسير يريد أن يُسمع صوته، فنمنحه ورقة وقلمًا ونرسله إلى القارئ، لا ليُبهره، بل ليواسيه أو يحاوره أو يوقظه من سباته الطويل.

الكتابة ليست لعبة نردٍ نلقيها لنربح تصفيقًا. إنّها مرآة نخفيها تحت عباءة الأدب، ليرى القارئ فيها ملامحه الحقيقية التي لم يجرؤ أن يتأملها. نكتب عنه لا عنه فقط، بل لما صمت عنه، لما لم يعرف كيف يعبر عنه، لما كبته تحت ركام العادة والخوف والتردد. نحن نتحمل نيابة عنه عبء الكشف وسؤال الرقابة، نعرّي هشاشته، ونُشهر وجعه، ونرفعه ليُرى، حتى وإن رجمنا بالحجارة.

ومع ذلك، نُفاجأ – أو لا نُفاجأ – حين يُعرض عنا، حين يجد في تفاهة “الروتين اليومي” ملاذاً أسهل، وفي التسلية راحةً من عناء التفكير، وفي السخرية دواءً وهميًّا لكل شيء. نفرغ حبرًا من أرواحنا، لكنه لا يغويهم، لا يُغريهم، بل يُقلق سكينتهم المُخدّرة. وبعضهم لا يرى في الكلمة إلا مرآة مشوَّهة لا تعجبه، فيغلقها ويمضي إلى اللاشيء المريح.

لكننا لا نتوقف. لا لأننا لا نشعر بالخذلان، بل لأن القلّة التي تُصغي تستحق. أولئك الذين يقرأون بأسئلتهم، لا بأعينهم فقط. الذين يلتقطون المعنى من خلف المعنى، والنبض من تحت الجملة. الذين يكتبون إلينا صامتين، ثم يبعثون إلينا ملاحظة عابرة أو إعجابًا صغيرًا يشبه الضوء في آخر النفق.

نكتب لهم، ولنا من خلالهم. نكتب ليبقى السؤال حيًّا، ولتظل الحقيقة تتنفس، ولو من خلال كلمات يتيمة في عتمة الصخب.

فإن راقت لك هذه الكلمات، ولامست شيئًا من وجدانك، فلا تتردد في أن تكون أحد هؤلاء القلّة الذين نكتب لهم. شاركنا رأيك، دعنا نسمع صوتك، فربّ كلمة منك تُحيي فينا رغبة الاستمرار، وتمنح المعنى جناحين. فالكتابة لا تكتمل إلا بقارئ واعٍ يُنصت، ويعيد الحياة لما بين السطور. كن شريكًا في الحرف، لا مجرد عابر له. نحن نكتب… من أجلك.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button