Hot eventsأخبارأخبار سريعةثقافة و فن

أن تكون أو لا تكون …

أن تكون أو لا تكون …

من البديهيات التي كشفتها لي الحياة،
كما قد تكون علَّمتكم،
أن المعاني لا تكتمل إلا بأضدادها،
وأن الآمال لا تتحقّق إلا بمساراتها الملتوية وحدها.

فما رأيتُ يومًا ضوءًا لا تُجاوره ظلمة،
ولا ظلمةً لم يُشعلها حنينٌ إلى النور.
ما رأيت إلا كليهما يتكئ على الآخر،
كظلٍّ يتبع النهار،
وكحقيقةٍ لا تولد إلا من رحم التناقض.

أرأيتم يوماً بدايةً لا تُخفي نهاية؟
أو نهايةً لا تومئ لبدايةٍ أخرى؟
ألا تذكرون في كل أفقٍ
كيف ترقص المعاني على أوتار النسبيّة،
ويضحك الزمن من يقيننا المطلق؟

علمتني الحياة أيضًا
أن لا أغنية بلا لحن،
ولا لحنَ بلا شجن،
ولا شجنَ لم يمرّ بجُرحٍ يتخفّى في الصوت.

وأن الصوت، حين يعلو، يتكسّر…
كأنّه ظلّ مظلومٍ يتنهّد من عتمةٍ خرساء.

وليس كلُّ علمٍ نُعانقه يبقى نورًا،
فما إن ينفصل عن الضمير،
حتى يغدو قيدًا في فكرٍ هش،
وسوطًا يُسكتُ الحائرين.

وليس كلُّ صديقٍ يُبقي الدم في العروق،
ولا كلُّ دمٍ سال كان سهمه من عدوٍ بعيد،
فبعض الخناجر، لو علمتُم، تُصنع في البيوت،
ويُصهَرُ الولاء أحيانًا على هيئة خيانة.

ولا كتابَ يخلو من فائدة،
ولا من افتراء،
ولا تقليدَ يُنجب فكرة،
ولا تمثالَ ميتٍ يوقظ عقلًا مكبّلاً…

ولا حريةَ بنصف جناح،
ولا عبوديةَ أنيقة.
إمّا أن تكون، أو لا تكون.
وإن كانت، فهي لا تُنكر تحوُّلها،
ولا حدودها التي تنمو كجذورٍ تبحث عن المعنى.

والحبّ؟
ذاك الذي لا تحدّه ضفاف،
لا يُقاس إلا باتّساع صدرك،
وصدقِ رعشةٍ في الشريان.

والأمل؟
لا يقتله الألم،
ولا يوقفه العقل،
ولا يخنقه الخيال.

لا تجربة تُنسى اسمها الحب،
ولا حبٌّ يولد في قلب الهزيمة.
ولا حياة تُعاش إلا من داخل صاحبها،
ولا موت يسبق أوانه،
ولا ذلّ أشدّ
من أن تُسلّم رقبتك طوعًا لجلادها،
ولا هوان أكثر
من ان تصنع قيدك بيدك،
وتسلمها لمعذِّبك.

عبداللطيف زكي
الرباط، في 22 يوليوز 2025

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button