Hot eventsأخبارأخبار سريعةسياسة

المغرب والاتحاد الأوروبي: شراكة استراتيجية تعكس الثقة والرؤية المشتركة نحو المستقبل

في سياق العلاقات المتنامية بين المملكة المغربية والاتحاد الأوروبي، أكدت سفيرة الاتحاد الأوروبي بالمغرب، باتريسيا لومبارت كوساك، أن المغرب، تحت القيادة المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، يعد شريكًا “موثوقًا” و”طبيعيًا” للاتحاد الأوروبي، في مسار يزداد رسوخًا ويتميز بتقارب الرؤى وتكامل المصالح.

وفي حوار خصّت به صحيفة لوماتان، أوضحت الدبلوماسية الأوروبية أن الشراكة المغربية-الأوروبية بُنيت عبر سنوات من العمل المشترك “لبنة بعد لبنة”، لترتكز اليوم على أسس متينة وإنسانية تستجيب لتحديات الحاضر وتستشرف آفاق المستقبل. وأبرزت أن الطرفين يتقاسمان رؤى استراتيجية حول ملفات كبرى، من قبيل التحول الطاقي، والمرونة المناخية، والتنافسية الاقتصادية، فضلاً عن القضايا الجيوسياسية ذات البعد الإقليمي والدولي.

وفي هذا السياق، وصفت لومبارت كوساك هذه العلاقة بأنها “شراكة ازدهار مشترك”، تتجلى على أرض الواقع من خلال مبادرات ومشاريع ملموسة تنخرط فيها المؤسسات والمقاولات والمجتمع المدني في كلا الضفتين. كما أكدت أن هذه الشراكة ترتكز على دينامية دائمة وروح تطلعية تجعل منها نموذجًا فاعلًا وأكثر نفعًا لمجتمعات الجانبين.

ومن أبرز تجليات هذه الشراكة المتقدمة، أشارت السفيرة إلى التزام الاتحاد الأوروبي بدعم المشروع الوطني الطموح لتعميم الحماية الاجتماعية في المغرب، وتعزيز الصناعات الثقافية والإبداعية التي يقودها الشباب المغربي المتوفر على إمكانات وطاقات متميزة. كما توقفت عند برامج التشغيل والتكوين والإدماج، باعتبارها محورًا مركزيًا للتنمية البشرية والاقتصادية، حيث يشكل هذا البُعد جوهر التعاون بين الرباط وبروكسيل.

وإذ اعتبرت أن المملكة تلعب دورًا استراتيجيًا بصفتها همزة وصل بين أوروبا وإفريقيا، أكدت كوساك أن المغرب يتمتع برصيد من المعرفة الدقيقة بالديناميات الإقليمية وبالقدرة على المبادرة، مما يجعله شريكًا محوريًا في مقاربة القارة السمراء والتفاعل مع تحدياتها المتعددة، وهي رؤية يحرص الاتحاد الأوروبي على تعميقها في المستقبل.

كما استعرضت السفيرة الأوروبية مضامين الأجندة الجديدة للمتوسط التي أطلقت سنة 2021، مؤكدة أنها ترتكز على الشباب والنساء والإدماج والنمو المستدام والحكامة الجيدة، في إطار رؤية مُحدّثة سيتم عرضها قريبًا بالتشاور مع شركاء الضفة الجنوبية للمتوسط.

وفي سياق التعاون المالي، كشفت كوساك أن الاتحاد الأوروبي خصص منذ سنة 2021 أزيد من مليار يورو لدعم دول المنطقة، منها حوالي 810 ملايين يورو دُفعت مباشرة إلى الخزينة المغربية كدعم مباشر للميزانية، وهو ما يعكس ثقة بروكسيل في السياسات العمومية للمملكة.

أما في ما يتعلق بالشراكة الخضراء التي تم توقيعها سنة 2022، فقد أكدت السفيرة أن هذا الإطار مكّن من تعزيز التعاون في مجالات التحول الطاقي، وإزالة الكربون من الاقتصاد، والتدبير المستدام للموارد المائية. وأشادت في هذا الإطار بجهود المغرب الذي يسعى لأن يكون نموذجًا يُحتذى به في القارة الإفريقية، خصوصًا في ما يتعلق بالعمل المناخي، الذي يندرج ضمن أولويات الشراكة الثنائية مع الاتحاد الأوروبي.

وسلطت الضوء على أحد إنجازات التعاون في هذا المجال، والمتمثل في تحسين شبكات التزويد بالمياه في 32 مدينة مغربية، مما ساهم في توفير ما يفوق 130 مليون متر مكعب من المياه، وهو مكسب ثمين في ظل أزمة شح الموارد المائية التي تشهدها المنطقة.

من جانب آخر، أكدت كوساك أن الأمن الأوروبي يرتبط ارتباطًا مباشرًا باستقرار جواره الجنوبي، مشيدة بدور المغرب كشريك فاعل في مواجهة التهديدات الأمنية، ومحاربة الجريمة المنظمة والتطرف العنيف. كما أبرزت الدور الحيوي للمملكة في مجال حكامة الهجرة، لاسيما في ظل التحديات المتزايدة التي تطرحها شبكات الاتجار وتهريب البشر، مشددة على أن التعاون بين الطرفين يغطي جميع جوانب إدارة هذه الظاهرة، في إطار من المسؤولية المشتركة.

وفي ما يتعلق بقضية الصحراء المغربية، شددت السفيرة على إدراك الاتحاد الأوروبي “للأهمية البالغة لهذه القضية بالنسبة للمغرب”، مضيفة أن بروكسيل تظل شريكًا موثوقًا في كل ما يتعلق بالقضايا الاستراتيجية للمملكة، ملتزمةً بتعزيز علاقة تقوم على الثقة والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.

إن هذا الحوار يعكس حجم الثقة والاحترام المتبادل بين المغرب والاتحاد الأوروبي، ويؤكد من جديد أن الشراكة الاستراتيجية بين الطرفين ليست فقط خيارًا جيوسياسيًا، بل رهان تنموي شامل يهدف إلى تحقيق ازدهار مشترك ومستدام لشعوب الضفتين.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button