Hot eventsأخبارأخبار سريعةعين الحدث الافريقي

ديناميات وطنية متجددة ومسارات إصلاحية متسارعة

في بداية هذا الأسبوع، تتقاطع في المشهد الوطني مجموعة من التحولات والمستجدات التي تؤشر على دينامية متعددة الأبعاد، تعكس حرص المغرب على ترسيخ أسس الحكامة، وتحقيق العدالة المجالية، وتعزيز الثقة في المؤسسات، في وقت تتفاعل فيه قضايا محلية ومهنية ومجتمعية، ضمن أفق وطني استراتيجي يسعى إلى الموازنة بين ضرورات الضبط وإكراهات التنمية.

ففي عدد من المدن، وخاصة سلا، تتواصل حملات تحرير الملك العمومي، لكن بوتيرة جديدة لا تكتفي بالإجراءات الزجرية، بل ترافقها آليات تحسيسية تراعي البعد السوسيو-اقتصادي للأنشطة غير المهيكلة، ما يعكس تحولا في فلسفة التدبير المحلي نحو مقاربات أكثر إدماجًا وإنصافًا. غير أن ذلك لا يلغي الحاجة الماسة إلى سياسات عمومية شمولية تُوفر البدائل الواقعية، وتُمكّن الباعة المتجولين من الاندماج في منظومات اقتصادية محلية مستدامة تضمن شروط الكرامة وتكافؤ الفرص.

وغير بعيد عن هذا المنحى، يبرز الجنوب كورش مفتوح على التحولات التنموية الكبرى، حيث تراهن أكادير على توظيف التظاهرات الرياضية القارية والدولية كبوابة لجلب الاستثمارات وتحفيز البنية التحتية، في أفق جعل الجهة قطبا إشعاعيا متكاملا، متجاوزا الطابع الاحتفالي المناسباتي إلى بعد استراتيجي أعمق.

وفي ظل استمرار النقاش حول جاذبية بعض الوجهات السياحية، تكشف المعطيات الواقعية عن توافد متزايد لأفراد الجالية المغربية، في حركة توزعت جغرافيًا وزمنيًا على مختلف المدن، ما يعكس مرونة العلاقة بين المغاربة المقيمين بالخارج ووطنهم الأم، واستمرار التعلق الوجداني بالهوية، رغم تطور أنماط العطلة والسفر.

أما في الجهة الشرقية، وتحديدًا الناظور، فتتجلى مؤشرات تنموية عبر فعاليات تروّج للمؤهلات البيئية والاقتصادية للمنطقة، على إيقاع أوراش كبرى كإنشاء الميناء الجديد، ضمن رؤية تنموية تراعي الاستدامة والعدالة الترابية، وتعزز من جاذبية المنطقة كقطب استثماري صاعد.

وفي توازٍ مع الدينامية الداخلية، تواصل المملكة تعزيز تموقعها الخارجي عبر مسارات متنوعة. ففي الساحة الرياضية، وُقّعت مؤخرًا شراكة استراتيجية بين نادٍ وطني بارز ومؤسسة تعنى بالمسؤولية الاجتماعية، في مبادرة تفتح المجال أمام انخراط الأندية في التنمية المجتمعية، وتوسيع أدوارها لتشمل البعد المؤسساتي والحكامة والشفافية، ما يعكس تحولًا نوعيًا في تدبير الرياضة الوطنية.

بالتوازي مع ذلك، تتوالى الإشادات الدولية بالعرض السياحي المغربي، حيث صنّفت مؤخرًا مدينتا مراكش والدار البيضاء ضمن الوجهات المفضلة للسياح الأمريكيين، ما يعزز صورة المغرب كفضاء غني ومتنوع ثقافيًا وجغرافيًا، ومؤهل لاستقطاب أسواق جديدة تبحث عن التجارب السياحية ذات العمق الثقافي.

على الصعيد السياسي والدبلوماسي، يتواصل التأكيد الدولي على مغربية الصحراء، حيث تم تثبيت الاعتراف بسيادة المملكة على أقاليمها الجنوبية، مع التنويه بالمبادرة المغربية للحكم الذاتي كحل عادل وواقعي. هذه المواقف تجسد نجاعة الدبلوماسية المغربية وتماسك رؤيتها، كما تعكس حضورًا فاعلًا ومؤثرًا للمملكة في مختلف المنابر الإقليمية والدولية.

وفي سياق التغيرات المناخية، يشهد المغرب موجة حر غير مسبوقة تمتد على مدى عدة أيام، ما يستدعي تعبئة شاملة لحماية الفئات الهشة، ومراجعة آليات التعامل مع الظواهر الجوية القاسية التي باتت أكثر تواترًا وحدة، وهو ما يفرض تكثيف اليقظة وتحديث البنيات الوقائية على المستويات الجهوية والمحلية.

إفريقيًا، يواصل المغرب ترسيخ موقعه كفاعل محوري في استقرار القارة، من خلال مقاربة تضع في صلبها مبادئ التعاون جنوب–جنوب، والسيادة الوطنية، والتكامل الاقتصادي. وقد أثنى رئيس البنك الإفريقي للتنمية على هذا التوجه، منوّهًا بالتحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة، وبالاختيارات التنموية القائمة على الحكامة والرؤية الاستراتيجية.

وتعزيزًا لهذا التموقع، جدد مجلس الشيوخ الأمريكي التأكيد على متانة التحالف المغربي–الأمريكي، واعتبر العلاقات بين البلدين شراكة استراتيجية متعددة الأبعاد، في دلالة على الحضور الوازن للمملكة داخل دوائر القرار الدولية. وهو ما أكده كذلك رئيس الاتحاد الألماني للمقاولات الصغرى والمتوسطة، حين اعتبر المغرب بوابة استراتيجية للأسواق الإفريقية، ما يفتح آفاقًا جديدة للتعاون الاقتصادي الثنائي مع أوروبا.

أما على الصعيد الثقافي والمجتمعي، فتتواصل مبادرات الإدماج، كما يتجلى في برامج اجتماعية لفائدة نزلاء سابقين بالسجون بمدينة وجدة، ما يعكس حضور البعد الإنساني في السياسات العمومية. وفي السياق ذاته، تواصل مجموعة العمران تنفيذ استراتيجية القرب، من خلال قافلة التعمير والإسكان الموجهة لمغاربة العالم، في تناغم مع الرؤية الوطنية الهادفة إلى تعزيز الروابط مع الجالية.

وتتواصل خطوات الإصلاح والتحديث على مستوى الحكامة الرياضية، حيث شهدت مدينة الدار البيضاء توقيع اتفاقية استثمارية لتفعيل شركة نادي الرجاء الرياضي، برأسمال يصل إلى 250 مليون درهم، في مؤشر على دخول الأندية الوطنية عهدًا جديدًا من الاحتراف والانفتاح على منطق التسيير المقاولاتي.

وفي موازاة ذلك، أطلق قطاع التعليم العالي التابع لحزب التقدم والاشتراكية نداءً واضحًا يدعو إلى احتساب تسع سنوات أقدمية اعتبارية لجميع الأساتذة الباحثين، في خطوة تروم الإنصاف الإداري وتكريس مبدأ المساواة. وقد تم طرح هذا المطلب رسميًا على وزير التعليم العالي، باعتباره مطلبًا لا يُرتب تبعات مالية مباشرة، بل يسعى لتصحيح مسارات الترقية والاعتراف بتضحيات فئة واسعة من الأساتذة الوافدين من قطاعات أخرى.

هذا النقاش يندرج في سياق أوسع من التوتر الذي تعرفه الجامعة المغربية، في ظل ما يعتبره المعنيون ازدواجية في المعايير، وغياب تسوية منصفة تشمل كافة المكونات، وهو ما يحفّز على بلورة مقاربة تشاركية تضمن الانصاف وتحترم الرهانات الكبرى للتعليم العالي.

وفي سياق آخر، طفت على السطح مستجدات تهم المجلس العلمي المحلي لفجيج، بعد تداول أنباء عن إعفاء رئيسه، وهو ما نفاه الدكتور مصطفى بنحمزة، رئيس المجلس العلمي الجهوي لجهة الشرق، مؤكدًا أن ما جرى يدخل في إطار الإجراءات الرقابية العادية التي يقوم بها المجلس العلمي الأعلى. وقد أوفدت لجنة تفتيش إلى مقر المجلس لفحص الأداء والمردودية، لتقف على اختلالات تتعلق بالغياب وعدم الانتظام، قبل رفع تقرير مفصل إلى الجهات المختصة التي قررت الإعفاء في إطار تقييم دوري لمردودية المجالس العلمية.

وفي خضم هذه المستجدات، برزت قضية أخرى أثارت الكثير من التساؤلات، بعد تداول معلومات حول إدخال مواد من خارج مستشفى الفارابي لتعقيمها داخله ثم إخراجها مجددًا، في ما اعتبره الكاتب الجهوي للفيدرالية الديمقراطية للشغل “كارثة بكل المقاييس”، مؤكدًا أن كاميرات المراقبة وثّقت العملية، وأنه تم إخطار الإدارة والمديرية الجهوية في انتظار فتح تحقيق عاجل لمعرفة المتورطين والجهات المستفيدة.

وبين دينامية الشأن المحلي وتفاعلات القضايا الوطنية، يتواصل الحراك المغربي في شتى المجالات، متطلعًا إلى تثبيت التراكمات الإيجابية، ومعالجة مكامن الاختلال، في أفق بناء نموذج تنموي متجدد، يضمن الإنصاف والفعالية، ويعزز مكانة المملكة إقليميًا ودوليًا، على أسس من التوازن والعدالة والشفافية.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button