ابتسامة دبلوماسية.. السفيرة الأمريكية ترد على “التحريف الإعلامي” برسالة صامتة من الجزائر

في خطوة دبلوماسية تحمل أبعادا رمزية ورسائل سياسية غير مباشرة نشرت السفيرة الأمريكية لدى الجزائر إليزابيث مور أوبين، صورة لها عبر حسابها الرسمي وهي تتصفح صحيفة الوطن الجزائرية مرفقة بابتسامة وصفت بأنها “ساخرة” في رد ذكي وموارب على ما اعتبرته أوساط أمريكية “تحريفا إعلاميا ” لتصريحات مستشار الرئيس الأمريكي مسعد بولوس،بخصوص قضية الصحراء المغربية.
وجاءت الصورة في أعقاب تغطية إعلامية جزائرية للقاء الذي جمع بولوس بالرئيس الجزائري عبد المجيد تبون والتي فسرت على نطاق واسع بأنها محاولة لإظهار موقف أمريكي متوازن أو حتى متغير من قضية الصحراء،رغم أن تصريحات بولوس كانت واضحة ومؤكدة لثوابت السياسة الأمريكية في هذا الملف الشائك.
وقد قرأ مراقبون هذا “الرد المصور ” من السفيرة الأمريكية كرسالة دبلوماسية ناعمة تعبر عن انزعاج واشنطن من تأويلات إعلامية جزائرية مع التأكيد على أن السفارة الأمريكية تتابع عن كثب ما ينشر محليا ولن تسمح بتوجيه الرسائل الأمريكية الرسمية بعيدا عن سياقها الحقيقي.
موقف أمريكي واضح وثابت
وفي المقابلة التي أجراها بولوس مع صحيفة الوطن الناطقة بالفرنسية شدد المسؤول الأمريكي على الموقف الواضح للولايات المتحدة من قضية الصحراء المغربية، قائلا:
“الولايات المتحدة تعترف بسيادة المغرب على الصحراءوتعتبر أن مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية تمثل الحل الجدي والوحيد الممكن والواقعي لهذا النزاع الإقليمي.”
وأضاف أن هذا الموقف لا يمثل انحرافا أو اجتهادا شخصيا بل يندرج في إطار “استمرارية استراتيجية” انطلقت مع إدارة الرئيس دونالد ترامب، ولا تزال الإدارة ملتزمة بها.
كما دعا بولوس كافة الأطراف المعنية إلى الانخراط الجاد في مسار تفاوضي مبني على المبادرة المغربية،معتبرا أن أي محاولات لإحياء مقاربات متجاوزة لن تؤدي إلا إلى مزيد من الجمود وعرقلة جهود التسوية.
علاقات متوازنة رغم التباينات
ورغم تباين وجهات النظر بين واشنطن والجزائر حول ملف الصحراء، أكد بولوس أن محادثاته مع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ووزير الخارجية أحمد عطاف كانت “مثمرة وصريحة”،مشيدبالدور الجزائري في تعزيز جهود الاستقرار الإقليمي.
وقال: “نقدر التزام الجزائر بالسعي نحو حل سلمي طويل الأمد،ونتطلع إلى تعزيز التنسيق المشترك لضمان الأمن والاستقرار في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل.”
صورة تتكلم أكثر من الكلمات
تبرز هذه الواقعة الطابع الحساس الذي يطبع الملف الصحراوي في علاقات الدول المغاربية بالقوى الكبرى. فالسلوك الرمزي للسفيرة الأمريكية يكشف عن استخدام أدوات التواصل غير التقليدية في التعبير عن المواقف دون الدخول في سجالات إعلامية مباشرة.كما يؤكد أن الولايات المتحدة ترفض تأويل مواقفها بما يخالف الحقائق،خاصة في قضايا ترتبط باستقرار المنطقة.
في المقابل تعكس الحادثة أيضا حجم التوتر الخفي بين روايات الإعلام المحلي في الجزائر وواقع التصريحات الرسمية الأمريكية،وهو ما يجعل من موضوع الصحراء المغربية نقطة تباين دائمة في المقاربات الدبلوماسية.



