
مع ما يلوكه المتدخلون في الحوارات المنظمه في الجزائر تعقيبا على الخطاب الملكي ، ومع التمعن فيما بنطقون به من آراء وأفكار ، يمكن للمرء أن يتساءل : إلى أي جهة يوجهون حملتهم ، إذا ما علمنا أن محاور الحوار في مثل هذا الأمر المهم يتطلب الإعداد وتحديد المستهدفين ؟ إن مما لا شك فيه أن ماورد في الخطاب الملكي من دعوة للحوار وتسوية ما يسيئ إلى العلاقات الجزائرية المغربية قد هز الرأي العام الجزائري ، وأحدث من الأثر ما دفع بالفئات الواعية من الشعب الجزائري إلى الجهر بضرورة الإستجابة للعرض الملكي ، لما يتسم به من وضوح في التعبير وأخلاص في الدعوة لإنهاء القطيعة التي تفاقمت أضرارها على البلدين، وبما أن لرجال النظام الحاكم أهدافا أصبحت بمثابة إديولوجية للدولة العميقة ، فيجب البحث عن وسيلة لتغيير ما تسرب إلى أذهان الجزائريين من حسن نية المسؤولين المغاربة .

وإذن فالخطاب في الحالة التي تعيشها المنطقة يجب أن يستهدف عقول الجزائريين . وليس هناك أفضل من تجنيد عناصر جديدة تضاف إلى من سبقهم من المنحرفين الذين يخونون ضمائرهم في حوارات من قبيل ما نشهد اليوم ببث ويذاع على نطاق واسع ، ليقدموا للرأي العام الجزائري المغرب على الصورة التي يختلقونها بيد أنه لا يمكن إيهام الشعب الجزائري بغير ما يعلمه عن الوضع في المغرب .
ولن يكون من السهل إقناع الناس بالسباحة ضد مجرى النهر . فقافلة المغرب سائرة نحو هدفها ، وأن ما يحققه في الميادين الإقتصادية الصناعية منها والفلاحية .وما يشيده من مشاريع عملاقة إستعدادا للمونديال لا يمكن أن تغيب أصداؤه عن الجزائريين ، حتى ولو ضاعفت أجهزة الإعلام الجزائرية من حملاتها لإيهامهم أن المغرب في أزمة إقتصادية وأن شعبه يعاني من المشاكل العويصة ، بل ومن الفقر المدقع .
لن يستطيع رجال الحكم في الجزائر لما ينمونه من حملات ، صرف المغرب عن السعي لإصلاح العلاقات الجزائرية المغربية ، كما عبر عن ذلك جلالة الملك محمد السادس ، حبا في إستتباب الأمن والسلام في المنطقة المغاربية .
ولن يستطيعوا إخفاء ما حققته الدبلوماسية المغربية من نجاح في تبني مخطط المغرب لتسوية قضية الصحراء ، كما لا بستطيعون عرقلة الديناميكية الدولية نحو فرض الحل الذي يخفف من تحمل الأمم المتحدة لمتاعب نزاع عمر طويلا وأستنفذ كثيرا من الجهد والمال .
وإن ما صدر عن الولايات المتحدة من مواقف واضحة ، يوحي بعزمها على طي صفحة الصراع بين الجزائر والمغرب وما تولدت عنه من مشاكل ونزاعات .