المتابعة الملكية والتوازن الاقتصادي في قلب التطورات الوطنية والدولية

في عالم يتسارع فيه نبض الأحداث وتتداخل فيه القضايا المحلية والدولية، يحتاج القارئ إلى وقفة تأمل لفهم معالم المشهد الذي يحيط به. من قلب الوطن إلى أفق العالم، نرصد معاً أبرز المحطات التي تشكل واقعنا وتوجهات المستقبل.
في بداية يوم جديد، نبدأ مع خبر وطني بليغ، حيث بعث صاحب الجلالة الملك محمد السادس برقية تعزية ومواساة إلى أسرة المرحوم فضيلة الشيخ جمال الدين القادري بودشيش، شيخ الطريقة القادرية البودشيشية، معبراً عن بالغ التأثر وعميق الأسى لفقدان رجل كرّس حياته لخدمة الدين ونشر تعاليمه السمحة المبنية على الوسطية والاعتدال، وترسيخ القيم الروحية الصوفية السنية، والحث على مكارم الأخلاق ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم، في وفاء متين للعرش العلوي وإخلاص لثوابت الأمة وبيعتها. كما دعا جلالته الله تعالى أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ويسكنه فسيح جنانه مع النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين.
على صعيد آخر، تستمر معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة في ظل العدوان المستمر، حيث ترسم قصص شهداء الصحافة الفلسطينية صورة مؤثرة عن التضحية في سبيل نقل الحقيقة، من بينهم الإعلامي فيصل أبو القمصان الذي استشهد أثناء أداء واجبه. في ظل هذا الواقع الصعب، تضرب موجة حرّ شديدة مدينة القدس ومناطق أخرى، مع توقعات ببلوغ درجات الحرارة 40 درجة مئوية، مما يزيد من صعوبة الظروف المعيشية للسكان. الفلسطينيون يعلقون آمالهم على الجهود الدولية لوقف إطلاق النار وتحقيق العدالة وتخفيف المعاناة عن المدنيين.
على الأراضي المغربية، يشهد إقليم النواصر دينامية تحضيرية ملحوظة لموسم الاصطياف، حيث تم تأهيل شواطئ دار بوعزة ضمن برنامج “شواطئ نظيفة” تحت إشراف مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة، لاستقبال المصطافين في أفضل الظروف، مع عمليات تنظيف يومية، وتوفير الحاويات والمرافق الصحية، وضمان مجانية مواقف السيارات، إلى جانب تعزيز الأمن ومنع الدراجات البحرية في مناطق السباحة.
وفي ذات الإطار، يبرز شاطئ “أم لبوير” بالداخلة كوجهة سياحية بيئية متميزة، بفضل نظافة مياهه ونعومة رماله، وحصوله للسنة الثالثة عشرة على التوالي على شارة اللواء الأزرق، ما يجعله نموذجاً يجمع بين جمال الطبيعة واحترام المعايير البيئية.
دولياً، تميز المغرب بمشاركته في احتفالات الذكرى الخامسة والستين لاستقلال كوت ديفوار، عبر تجريدة من القوات المسلحة الملكية مثلت اللواء الأول للمشاة المظليين في الاستعراض العسكري، تجسيداً لعلاقات الصداقة والتعاون المتينة بين البلدين، خصوصاً في المجال العسكري.
على الصعيد الوطني، عززت العاصمة الرباط بنيتها التحتية بإطلاق مرآب تحت أرضي جديد بحي المحيط، ضمن استراتيجية للتنقل المستدام تهدف إلى تخفيف الضغط المروري وتوفير مواقف سيارات آمنة وعالية الجودة مع المحافظة على مساحات مخصصة للمشاة.
ثقافياً، اختتمت بمدينة خنيفرة فعاليات النسخة الثانية من المعرض الوطني للطوابع والمسكوكات بندوة علمية عن تاريخ النقود والبريد، حيث تم عرض طوابع وعملات وتحف نادرة تؤرخ لمراحل مهمة من التاريخ الوطني، في مبادرة تعزز الوعي بأهمية التراث المادي.
سياسياً، جدد الحزب الاشتراكي الموحد دعوته لإنشاء هيئة وطنية مستقلة للإشراف على الانتخابات بدلاً من وزارة الداخلية، مطالباً باعتماد البطاقة الوطنية كوسيلة وحيدة للتصويت، وإلغاء اللوائح الانتخابية التي يعتبرها إقصائية، مؤكداً الحاجة إلى إصلاح عميق يضمن نزاهة الاستحقاقات.
اقتصادياً، يواصل المغرب تحقيق تدبير مالي حذر مكنه من التحكم في عجز الميزانية عند 3.8 في المائة من الناتج الداخلي الخام سنة 2024، واستقرار الدين العمومي عند 67.7 في المائة، وهو مستوى أقل من كثير من الاقتصادات الصاعدة. كما تمكن من السيطرة على التضخم والحفاظ على احتياطيات مريحة من العملة الصعبة، مع استمرار جاذبية الاستثمار الأجنبي المباشر الذي بلغ 43 مليار درهم.
تعكس هذه المؤشرات متانة الأسس الماكرو-اقتصادية للمغرب، الذي يواصل تطوير صناعاته التحويلية ويحتل مكانة متقدمة عالمياً في صناعة السيارات والطيران، إلى جانب تنويع صادراته نحو أسواق جديدة، في إطار انفتاح اقتصادي مدروس واتفاقيات تبادل حر مع أكثر من 55 دولة.
وفي إطار العناية بالمغاربة المقيمين بالخارج، يحتفل المغرب غداً باليوم الوطني للجالية تحت شعار “ورش الرقمنة: تعزيز لخدمات القرب الموجهة لمغاربة العالم”، بتنظيم فعاليات في مختلف العمالات والأقاليم لتعزيز الروابط مع الوطن الأم.
على صعيد التعاون الدولي، أعرب النائب العام الكيني عن رغبة بلاده في الاستفادة من التجربة المغربية في مكافحة الجرائم الإلكترونية، مشيداً بالتقدم المحقق في هذا المجال الحيوي.
ختاماً، تجمع هذه الأحداث بين الوطني والدولي، الاقتصادي والإنساني، في مشهد يعكس دينامية المغرب المستمرة في مختلف المجالات، مع أمل أن تحمل الأيام القادمة المزيد من الاستقرار والسلام.



