الملك الإنسان.. عهد وفاء وتلاحم

يشهد المغرب اليوم مرحلة متجددة من الإصلاح والتحديث، تتقاطع فيها الأبعاد الوطنية والإنسانية والدبلوماسية، في سياق احتفالات البلاد بذكرى عيد الشباب المجيد لسنة 2025، وهي مناسبة وطنية عزيزة تؤكد قوة الترابط بين العرش والشعب، وتجسد استمرار مسار التنمية تحت القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيّده.
وفي إطار هذه الرمزية الوطنية، أصدر جلالته عفوه السامي عن 591 شخصاً من المعتقلين والموجودين في حالة سراح، في مبادرة إنسانية تعكس فلسفة العدل والرحمة التي يقوم عليها المشروع المجتمعي المغربي، وترسّخ مبادئ الإدماج وإعادة بناء الثقة في المجتمع، لتجعل من العفو الملكي مناسبة للأمل وبداية جديدة للمستفيدين منه.
على الصعيد الإنساني والدولي، يواصل المغرب تعزيز مكانته كنموذج في الدبلوماسية الإنسانية، حيث حظيت المبادرة الملكية المتمثلة في إرسال 100 طن إضافية من المساعدات الغذائية والطبية إلى قطاع غزة بإشادة واسعة من الأمم المتحدة، التي وصفتها بأنها “مبادرة رائدة” في ظل الظروف المأساوية التي يعيشها السكان هناك. وأكد مركز التفكير الإفريقي “معهد تمبوكتو” أن المملكة، بفضل دبلوماسية جلالته الاستباقية ومكانته المرموقة، نجحت في ضمان وصول إنساني مباشر إلى غزة رغم التحديات اللوجستية، في امتداد لجهود سابقة شملت إرسال 180 طناً من المساعدات خلال شهر يوليوز المنصرم.
وفي الشأن الداخلي، تصدّرت الصحف الوطنية العناوين المرتبطة بقرار وزارة التعليم العالي القاضي باعتماد نظام الانتقاء المباشر بدل الامتحانات الكتابية والشفوية للولوج إلى سلك الماستر، في خطوة تعكس توجهاً حاسماً نحو تكريس الشفافية وتعزيز جودة التعليم الجامعي. القرار، الذي نُشر في العدد 7430 من الجريدة الرسمية، يمنح الحاصلين على الإجازة من مراكز التميز ولوجاً تلقائياً إلى الماستر، ويوسع آفاق الحركية الطلابية بين مؤسسات التعليم العالي، بما يعزز تنافسية المنظومة الجامعية المغربية.
اقتصادياً، تواصل أزمة استيراد الماشية من إسبانيا خلق توتر في الأسواق الوطنية، بعدما قامت سلطات ميناء طنجة بحجز شاحنتين محملتين برؤوس العجول بسبب خلاف حول الرسوم الجمركية، في وقت يؤكد فيه المستوردون أن قرار الحكومة يقضي بالإعفاء الكامل لهذه الشحنات. وقد أدى هذا الارتباك إلى توقف عدد من عمليات الشحن وعودة شاحنات أخرى إلى إسبانيا، وسط دعوات ملحة للإفراج عن حصة 150 ألف رأس ماشية لدعم استقرار السوق الوطنية وحماية الاستثمارات في القطاع الفلاحي.
في المقابل، تحمل المؤشرات الفلاحية بشائر إيجابية مع اقتراب موسم جني التمور لسنة 2025، حيث يتوقع المهنيون ارتفاعاً في الإنتاج بنسبة قد تصل إلى 50 في المائة مقارنة بالمواسم السابقة، بفضل التساقطات المطرية الأخيرة وتحسن الظروف المناخية في مناطق الواحات. هذا التحسن يُرتقب أن ينعكس على جودة الأصناف المحلية وأسعارها، ما يعزز مكانة التمور المغربية في السوق الوطنية ويدعم القدرة الشرائية للمستهلكين.
قضائياً، يدخل المغرب مرحلة جديدة مع تفعيل قانون العقوبات البديلة، حيث وجّه المجلس الأعلى للسلطة القضائية تعليماته إلى مختلف محاكم المملكة لتخصيص قضاة مختصين بالإشراف على تنفيذ هذه العقوبات وضبط آلياتها العملية، مع التأكيد على دقة منطوق الأحكام وشروط التنفيذ. هذه الخطوة تعكس توجهاً استراتيجياً نحو تخفيف الاكتظاظ السجني وتعزيز البعد الإصلاحي للعقوبة، في إطار رؤية شاملة ترسّخ الثقة في العدالة وتكرّس قيم الإنصاف وحقوق الإنسان.
وبين الأبعاد الوطنية والإنسانية، الاقتصادية والاجتماعية، يواصل المغرب رسم ملامح مرحلة جديدة قوامها الإصلاح العميق والانفتاح الاستراتيجي، تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، في وقت تؤكد فيه المملكة حضورها القوي داخلياً ودولياً، وتكرّس موقعها كفاعل إقليمي ودولي مؤثر.



