أخبارالرئيسيةالعالممال و أعمال

سوريا تجدد عملتها بحذف صفرين في ظل أزمة اقتصادية و سياسية

يمر الاقتصاد السوري بأزمة غير مسبوقة، كان أبرز مظاهرها الانهيار شبه الكامل لقيمة الليرة السورية. فبعد أن كان سعر صرفها مستقرًا نسبيًا قبل عام 2011، تجاوزت حاجز الـ10 آلاف ليرة مقابل الدولار في السوق السوداء، ووصلت في بعض الفترات إلى مستويات أعلى بكثير، مما أدى إلى تآكل هائل في القوة الشرائية للمواطنين.

في ظل هذا الوضع الكارثي، ظهرت تقارير وأحاديث عن خطة للحكومة السورية لإصدار أوراق نقدية جديدة، تهدف إلى إعادة هيكلة العملة، وإعادة الثقة بها. وتتضمن هذه الخطة خطوتين رئيسيتين:

إعادة التقييم وحذف صفرين

تُشير التقارير إلى أن الخطة تتضمن حذف صفرين من العملة، بحيث تصبح ورقة الـ10,000 ليرة الجديدة تُعادل 100 ليرة في قيمتها الاسمية. وتُعد هذه الخطوة إجراءً شكليًا أو تقنيًا يُستخدم عادة لتسهيل المعاملات اليومية وتقليل الحاجة إلى حمل كميات كبيرة من الأوراق النقدية.

ومع ذلك، يؤكد خبراء الاقتصاد أن هذا الإجراء، بحد ذاته، لن يحل المشكلة الأساسية. فالقيمة الحقيقية للعملة لا تتغير بحذف الأصفار، ويبقى التضخم هو التحدي الأكبر. وإذا لم يتم دعم هذه الخطوة بإجراءات اقتصادية عميقة (مثل وقف التضخم، ودعم الإنتاج، وجذب الاستثمارات)، فإن العملة الجديدة ستُفقد قيمتها بسرعة كما حدث مع العملة القديمة.

إزالة صور الرئيس بشار الأسد ووالده حافظ الأسد

تُشير التقارير إلى أن أحد الأهداف الخفية وراء إصدار العملة الجديدة هو التخلص من صور الرئيس الحالي ووالده من الأوراق النقدية. ويُقال إن هذا قد يكون محاولة لتخفيف التوتر السياسي، والتحرر من صورة الماضي التي ارتبطت بها العملة المنهارة.

ومع ذلك، يرى مراقبون أن هذه الخطوة تبدو بعيدة الاحتمال، نظرًا لأن النظام السوري يعتمد بشكل كبير على ترسيخ شخصية القيادة في جميع جوانب الحياة العامة. فإزالة صور الرئيس من العملة قد تُفهم على أنها تراجع أو ضعف، وهو ما يتعارض مع نهج النظام في الحفاظ على صورته.

    تحليل جدوى الخطة وتحدياتها

    بشكل عام، تعتبر هذه الخطة، إذا ما تم تطبيقها، مجرد حل تجميلي لمشكلة عميقة. فالأزمة الاقتصادية في سوريا هي نتيجة عوامل هيكلية معقدة، كالحرب الأهلية المستمرة منذ أكثر من عقد، والعقوبات الدولية المشددة (مثل قانون قيصر)، و الفساد المستشري وغياب الشفافية، و تدمير البنية التحتية وانهيار الإنتاج.

    بناءً على ذلك، فإن مجرد إصدار أوراق نقدية جديدة لن يُعيد الثقة إلى الليرة. الثقة بالعملة تأتي من استقرار الاقتصاد، والقدرة على السيطرة على التضخم، وتعزيز الإنتاجية. وبدون هذه الإصلاحات الجوهرية، فإن أي محاولة لإعادة هيكلة العملة ستكون مجرد تغيير في الأرقام، مع استمرار تدهور القيمة

    مقالات ذات صلة

    أضف تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    Back to top button