Hot eventsأخبارأخبار سريعةعين الحدث الافريقي

المغرب بين التحولات الكبرى وتثبيت الريادة

في سياق دينامية وطنية متسارعة تتقاطع فيها المبادرات الملكية مع الإصلاحات الحكومية والتحولات الاقتصادية والاجتماعية، يواصل المغرب رسم ملامح مرحلة استراتيجية فارقة، قوامها تعزيز مكانته الدولية وصون ثوابته الوطنية، مع الحرص على دعم القضايا الإنسانية والالتزام بمبادئ القانون الدولي.

وتصدرت الأنشطة الملكية واجهة المشهد الوطني، حيث استقبل صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن، الأطفال المقدسيين المشاركين في الدورة السادسة عشرة للمخيم الصيفي الذي تنظمه وكالة بيت مال القدس الشريف، في مبادرة إنسانية راسخة تجسد العناية المغربية المستمرة بالقضية الفلسطينية ودعم صمود المقدسيين. كما بعث صاحب الجلالة الملك محمد السادس، برقية تهنئة إلى رئيس جمهورية الأوروغواي الشرقية لويس لاكالي بو، بمناسبة العيد الوطني لبلاده، في خطوة تعكس حرص المغرب على توطيد علاقاته الدبلوماسية وتعزيز الشراكات الدولية.

وفي امتداد لهذا الحضور الدولي الفاعل، وجه جلالة الملك رسالة سامية إلى المشاركين في الدورة الثانية والثمانين لمعهد القانون الدولي، أكد فيها على أهمية الالتزام بالقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة كمرجعيات أساسية لضبط العلاقات بين الدول، مشددًا على أن احترام هذه المبادئ يشكل شرطًا لضمان الأمن والسلم الدوليين في عالم متغير.

وعلى مستوى القضايا الاجتماعية والإنسانية، برزت مبادرة صاحبة السمو الملكي الأميرة للا مريم، رئيسة المرصد الوطني لحقوق الطفل، بتعبئة الآلية الوطنية للتكفل النفسي من أجل دعم طفل ضحية اغتصاب بمدينة الجديدة، حيث تم تسخير طاقم طبي متخصص للتدخل العاجل وتأمين متابعة نفسية دقيقة تراعي مصلحة الطفل وحقوقه.

أما على صعيد السياسات العمومية، يستعد مجلس الحكومة لعقد اجتماعه الأسبوعي يوم الخميس المقبل، لبحث مجموعة من مشاريع القوانين والمراسيم، في مقدمتها مشروع قانون جديد للتعليم العالي والبحث العلمي، إلى جانب مناقشة مقترحات قوانين ذات أولوية، وهو ما يعكس حرص الحكومة على مواكبة الإصلاحات الكبرى وتعزيز تنافسية المنظومة الجامعية.

وفي هذا السياق، أعلنت وزارة التعليم العالي عن اعتماد صيغة جديدة لولوج أسلاك الماستر ابتداءً من الموسم الجامعي المقبل، حيث سيتم تعويض الامتحانات الكتابية والشفوية بدراسة الملفات، مع إلغاء بحث الإجازة والماستر وتعويضه بتدريب ميداني يتلاءم مع متطلبات سوق الشغل. ويتكامل هذا التوجه مع مشروع قانون يقترح إحداث “مجلس الأمناء” كآلية جديدة لتقوية الحكامة الجامعية وتحسين أداء المؤسسات التعليمية العليا.

اقتصاديًا، توقعت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية نمو الاقتصاد المغربي بنسبة 3.8 في المائة خلال سنتي 2025 و2026، مدفوعًا بانتعاش القطاع الفلاحي وتحسن الظروف المناخية التي انعكست على ارتفاع إنتاج الفواكه والخضروات، حيث سجلت صادرات الخيار رقمًا قياسيًا غير مسبوق بلغ 27.7 ألف طن خلال موسم 2024-2025. وبموازاة ذلك، أظهرت تقارير اقتصادية استمرار الدينامية الإيجابية في قطاعات السيارات والصناعات الغذائية والمعادن، مع توصيات بضرورة دعم المقاولات الوطنية وتعزيز قدرتها التنافسية للحد من الاعتماد على الأسواق الخارجية وضمان استقلالية اقتصادية أكبر.

أما في البعد البيئي، فقد تواصلت جهود المملكة في مجال الاستدامة ومكافحة آثار التغير المناخي، انسجامًا مع التوجهات الملكية الرامية إلى جعل المغرب نموذجًا إقليميًا في تحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية وحماية الموارد الطبيعية، في وقت تشهد فيه السياسات العمومية تعبئة شاملة للحفاظ على الثروات الوطنية وضمان استدامتها للأجيال المقبلة.

وبينما تتفاعل هذه الملفات داخليًا وخارجيًا، يواصل المغرب تكريس مكانته كفاعل محوري في محيطه الإقليمي والدولي، من خلال مزيج متوازن بين الرؤية الاستراتيجية والإصلاحات الميدانية، ليظل نموذجًا في الجمع بين الانفتاح الدبلوماسي والتطور الاقتصادي والالتزام الاجتماعي.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button