المغرب يرتقي بالفلاحة والاقتصاد ويعزز المبادرات الملكية

تواصل المؤشرات الوطنية رسم ملامح مشهد متنوع يجمع بين الفلاحة والاقتصاد والمجتمع والسياسة، في وقت تتفاعل فيه التطورات الإقليمية والدولية مع رهانات داخلية متزايدة.
ففي الشأن الفلاحي، تتصدر نتائج عملية إحصاء القطيع الوطني للماشية واجهة الاهتمام، بعد أن أظهرت المعطيات الرسمية بلوغ العدد الإجمالي 32 مليوناً و832 ألفاً و573 رأساً من الأغنام والماعز والأبقار والإبل، في مؤشر بارز على حيوية القطاع وأهميته في تحقيق الأمن الغذائي الوطني وتعزيز قدرات الإنتاج الفلاحي بالمملكة.
وفي سياق موازٍ، تدخل البلاد مرحلة جديدة من مشروع الخدمة العسكرية، حيث تستعد مراكز تكوين المجندين لاحتضان عملية انتقاء وإدماج الفوج الأربعين ابتداءً من فاتح شتنبر المقبل، تنفيذاً للتعليمات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية. وقد اتخذت القيادة العامة للقوات المسلحة، بتنسيق مع وزارة الداخلية، كافة الإجراءات التنظيمية واللوجستية اللازمة لإنجاح العملية وفق أعلى معايير الانضباط والدقة.
ومن الجنوب، وتحديداً إقليم تزنيت، تجسد البعد الاجتماعي للسياسة الملكية في مبادرة إنسانية راقية، حيث أشرف وفد من الحجابة الملكية أمس الثلاثاء على تسليم هبة ملكية لشرفاء زاوية سيدي أحمد أوموسى بمناسبة الموسم الديني للولي الصالح، وشملت المبادرة توزيع محافظ وأدوات مدرسية لفائدة التلاميذ المعوزين، إلى جانب إعانات موجهة للأطفال الأيتام وحفظة القرآن الكريم والأسر الفقيرة.
أما على الصعيد الدولي، فقد جدد مجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، خلال دورته الاستثنائية بجدة، إشادته بالدور المحوري للجنة القدس برئاسة جلالة الملك محمد السادس، مثمناً الجهود الكبيرة التي تبذلها وكالة بيت مال القدس الشريف، الذراع التنفيذية للجنة، في دعم صمود المقدسيين وحماية الهوية العربية والإسلامية للمدينة.
وفي المجال الاجتماعي، خطت المملكة خطوة مهمة نحو تمكين المرأة وتعزيز مكانتها من خلال اعتماد النظام الجديد لجائزة تميز المرأة المغربية، حيث أعلنت وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة نعيمة بن يحيى عن رفع القيمة الإجمالية للجائزة إلى مليون و140 ألف درهم وتوسيع عدد الجوائز من ثلاث جوائز وطنية إلى ست وثلاثين جائزة موزعة على جهات وأقاليم المملكة، في خطوة تهدف إلى تحفيز المبادرات الخلاقة ودعم الإبداع النسوي.
وفي سياق متصل، ما زال ملف إصلاح أنظمة التقاعد يحتفظ بزخمه داخل النقاش العمومي، حيث رفعت اللجنة التحضيرية للائتلاف الوطني للمتقاعدين والمتقاعدات وذوي الحقوق مطالب جديدة، في مقدمتها رفع الحد الأدنى للمعاش إلى خمسة آلاف درهم، مع إحداث بطاقة ذكية للاستفادة من الخدمات الصحية، بينما تؤكد النقابات الأكثر تمثيلية على ضرورة بلورة إصلاح شامل يأخذ بعين الاعتبار الوضع الحرج لصناديق التقاعد ويضمن في الوقت ذاته مصالح المتقاعدين.
اقتصادياً، واصلت المؤشرات تسجيل أرقام قياسية، إذ كشفت إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة عن تحقيق أكثر من مليوني تصريح جمركي لأول مرة في تاريخها خلال سنة 2024، بنمو بلغ 7.1 في المائة مقارنة بسنة 2023، مدعومة بارتفاع التصاريح عند الاستيراد بنسبة 7.3 في المائة وعند التصدير بنسبة 7.2 في المائة. كما سجلت مصالح الجمارك مداخيل إضافية بقيمة 6.24 مليار درهم بفضل مكافحة تخفيض الفواتير واعتماد أدوات تحليل متقدمة، إلى جانب حجز بضائع مهربة بقيمة 284 مليون درهم وتقليص مدة التخليص الجمركي بمعدل ساعة و26 دقيقة.
وفي الإطار ذاته، حافظ المغرب على ريادته بدول شمال إفريقيا في مؤشر حرية التجارة لسنة 2025، محتلاً المرتبة الثامنة عربياً والـ117 عالمياً، بمعدل 67.2 نقطة، وفق تقرير مؤسسة “هيريتج فاونديشن” الأمريكية، بفضل مرونة التشريعات المتعلقة بالتجارة وتسهيل حركة رؤوس الأموال والأشخاص.
أما في قطاع السياحة، فقد سجلت مدينة الصويرة ارتفاعاً ملحوظاً في عدد ليالي المبيت بالمؤسسات السياحية المصنفة بنسبة 14 في المائة، حيث بلغ عدد الليالي 357 ألفاً و114 ليلة عند متم يونيو الماضي، مقابل 313 ألفاً و573 ليلة في الفترة نفسها من السنة الماضية، ما يعزز مكانة المدينة كوجهة سياحية رئيسية على المستويين الوطني والدولي.
وفي سياق موازٍ، أكدت وزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح أن مديرية المنافسة والأسعار والمقاصة تراقب سنوياً أزيد من 350 ألف نقطة بيع عبر مختلف ربوع المملكة، مع تسجيل حوالي 15 ألف مخالفة تمت معالجتها وفق المساطر القانونية، إضافة إلى مواكبة أكثر من 160 عملية تركيز اقتصادي سنوياً، وذلك بهدف تعزيز الشفافية وحماية المستهلك.
وفي الأخبار الفلاحية، شهدت أسعار الحبوب والقطاني تراجعاً ملحوظاً خلال الأسابيع الأخيرة بفضل تحسن الموسم الفلاحي وزيادة العرض، حيث استقر سعر القمح عند حوالي أربعة دراهم للكيلوغرام، والشعير عند خمسة دراهم ونصف، بينما تراجعت أسعار العدس إلى عشرين درهماً، والحمص إلى عشرة دراهم للكيلوغرام، في مؤشر إيجابي يعكس استعادة التوازن بين العرض والطلب.
أما في قطاع الصيد البحري، فقد سجلت الكميات المفرغة من منتجات الصيد الساحلي والتقليدي بميناء العيون ارتفاعاً بنسبة 15 في المائة عند متم يوليوز المنصرم، حيث بلغت 90 ألفاً و720 طناً بقيمة مالية تجاوزت 911 مليون درهم، مقابل 884 مليون درهم خلال الفترة نفسها من سنة 2024، مما يعكس حيوية القطاع وأثره المباشر على الاقتصاد المحلي.
وفي المشهد السياسي، شرعت الأحزاب المغربية في مراجعة الصيغة النهائية لمقترحاتها استعداداً للانتخابات التشريعية لسنة 2026، قبل انتهاء المهلة المحددة من طرف وزارة الداخلية لتقديم المذكرات. وتركزت أبرز هذه المقترحات حول اعتماد التسجيل التلقائي للمواطنين في اللوائح الانتخابية اعتماداً على قاعدة بيانات البطائق الوطنية، مع تحيين وتنقية المعطيات بما يضمن دقة العملية الانتخابية وشفافيتها.



