المغرب يعزز مكانته قارياً ودولياً بقرارات حاسمة وإنجازات تاريخية

في سياق دينامية وطنية متواصلة تسعى إلى تحقيق التوازن بين الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والتنموية، شهدت الساحة المغربية خلال الساعات الأخيرة جملة من القرارات والتطورات البارزة التي عكست حرص مختلف القطاعات الحكومية والمؤسسات الوطنية على مواصلة الإصلاحات وتحقيق استدامة الموارد وتعزيز موقع المملكة على المستويين القاري والدولي.
ففي المجال الصحي، أعلنت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية عن قرار جديد يقضي بتخفيض أسعار مجموعة مهمة من الأدوية الأصلية والجنيسة والمماثلة الحيوية المسوقة في المغرب، وذلك استنادًا إلى المرسوم المتعلق بشروط تسعير الأدوية بالمملكة. ويشمل القرار أدوية أساسية لمعالجة أمراض مزمنة وخطيرة، في خطوة تروم التخفيف من الأعباء المالية الملقاة على كاهل المرضى وتعزيز قدرتهم الشرائية، مع دعوات إلى اعتماد رؤية شمولية لضمان استدامة تزويد السوق بالمنتجات الدوائية.
وبالانتقال إلى الشأن المالي، أطلقت مديرية الخزينة والمالية الخارجية عملية توظيف مالي لفائض الخزينة بلغت قيمتها الإجمالية 2,1 مليار درهم، عبر آلية إعادة الشراء لمدة يوم واحد وبسعر فائدة متوسط قدره 1,56 في المائة، بما يعكس متانة تدبير المالية العمومية.
أما في القطاع الفلاحي، فقد أبرز وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أحمد البواري، في ندوة صحفية بالرباط، فعالية المبادرات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس للحفاظ على الثروة الحيوانية، خاصة في ظل سنوات الجفاف الشديد، مشيدًا بالقرار الملكي الحكيم الذي دعا خلال عيد الأضحى الماضي إلى تعليق شعيرة الذبح حفاظًا على القطيع الوطني.
وفي الأقاليم الجنوبية للمملكة، تواصل القوات المسلحة الملكية تنسيق جهودها مع بعثة الأمم المتحدة، حيث استقبل الفريق أول محمد بريظ، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية وقائد المنطقة الجنوبية، قائد قوة البعثة الأممية بالأقاليم الجنوبية، الفريق فخرول أحسان، في لقاء خصص لبحث سبل تعزيز التعاون الميداني في الجوانب العملياتية والأمنية وإزالة الألغام والدعم اللوجستي.
اقتصاديًا، واصلت مجموعة “مرسى ماروك” تعزيز أدائها خلال النصف الأول من سنة 2025، إذ سجلت رقم معاملات موحد بلغ 2,84 مليار درهم، بزيادة قدرها 14,5 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وهو ما يعكس ارتفاع حركة المرور المينائية وتوسع الخدمات اللوجستية للمجموعة.
وفي سياق متصل، أشادت منظمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالتجربة المغربية في مجال التنمية الحضرية المستدامة على المستوى الإفريقي، مؤكدة أن المملكة، بفضل الرؤية الاستراتيجية لجلالة الملك محمد السادس، أصبحت نموذجًا ملهمًا في مواجهة تحديات النمو الحضري المتسارع بالقارة، خاصة في ظل الضغط على البنيات التحتية والموارد الطبيعية.
أما في المجال الثقافي، فقد أعلنت الخطوط الملكية المغربية عن اختيارها كناقل رسمي للدورة السادسة والثلاثين لبينالي ساو باولو للفن المعاصر، إحدى أبرز التظاهرات الفنية بأمريكا اللاتينية، والمقرر تنظيمها بالبرازيل من 6 شتنبر 2025 إلى 11 يناير 2026، في خطوة تعكس البعد الدبلوماسي الثقافي للمملكة وتعزز مكانتها كحلقة وصل بين إفريقيا وأمريكا اللاتينية.
وفي ميدان التعليم، أكدت وزارة التربية الوطنية انطلاق الدراسة بشكل فعلي وإلزامي يوم الاثنين 8 شتنبر 2025 بمختلف الأسلاك التعليمية، في إطار تنزيل خارطة الطريق الإصلاحية، مع اتخاذ جميع الإجراءات التنظيمية واللوجستية لضمان بداية ناجحة للموسم الدراسي الجديد.
ومن جانب آخر، شهدت الصادرات المغربية من البصل الطازج انتعاشًا غير مسبوق، حيث بلغت 64,900 طن بقيمة 238 مليون دولار خلال موسم 2024-2025، مسجلة زيادة قياسية بمعدل 4.8 مرات مقارنة بالموسم السابق، وهو ما يعكس الدينامية المتنامية للقطاع الفلاحي وانفتاحه على أسواق جديدة بالشرق الأوسط.
كما تصدرت مدينة الدار البيضاء مؤشر القدرة الشرائية على المستوى المغاربي واحتلت المرتبة السابعة إفريقيًا وفق تقرير موقع “نامبيو”، بعدما حققت معدلًا بلغ 40.2 نقطة، ما يعزز مكانتها الاقتصادية كقاطرة أساسية للنمو الوطني.
وفي علاقة بالمبادلات التجارية، سجلت الفيدرالية الإسبانية لمنتجي ومصدري الفواكه والخضروات أن المغرب أصبح المورد الرئيسي لإسبانيا، إذ مثلت صادراته نحو 31 في المائة من واردات الخضر والفواكه الطازجة خلال الأشهر الخمسة الأولى من 2025، بقيمة بلغت 834 مليون أورو، بزيادة 30 في المائة مقارنة بسنة 2024.
سياسيًا، تتجه بعض الأحزاب الوطنية إلى المطالبة برقمنة العمليات الانتخابية في مذكراتها الموجهة إلى وزارة الداخلية، معتبرة أن الرقمنة ستسهم في تعزيز الشفافية وتوسيع المشاركة الشعبية، فيما حافظ المغرب على صدارته لدول شمال إفريقيا في مؤشر حرية التجارة لسنة 2025، محتلاً المرتبة الثامنة عربيًا والـ117 عالميًا وفق تقرير “هيريتج فاونديشن”.
وفي الشأن الاجتماعي، أكدت وزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح استقرار أسعار قنينات غاز البوتان بمختلف أحجامها، مؤكدة استمرار دعمها من قبل صندوق المقاصة، الذي خصص سنة 2023 مبلغًا قدره 16.7 مليار درهم لهذه المادة الأساسية، في وقت أظهرت معطيات بنك المغرب تباطؤًا نسبيًا في وتيرة معاملات العقار بالربع الأول من 2025، حيث تراجعت بنسبة 30 في المائة رغم استقرار الأسعار، وهو ما فسره الخبراء بعوامل تقنية وإجرائية لا ترقى إلى مستوى الأزمة.
وعلى المستوى الدولي، سلط ملتقى الهند-إفريقيا بنيودلهي الضوء على تجربة المغرب الرائدة في مجال الانتقال الطاقي تحت القيادة المتبصرة لجلالة الملك محمد السادس، حيث أكد الكاتب العام لقطاع الانتقال الطاقي محمد أوحمد التزام المملكة بمواصلة استراتيجيتها الوطنية الطموحة المعتمدة منذ سنة 2009، والتي تقوم على اعتماد الطاقات النظيفة والمستدامة لمواجهة تحديات التغير المناخي.
وتأكيدًا لمكانة المغرب الإفريقية، صادق مجلس الحكومة أمس على مشروع قانون إصلاح التعليم العالي، كما أوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار الأليفة، ووافق على إنشاء المقر الدائم للمنظمة الإفريقية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة “الأفروساي” بالمغرب، إلى جانب المصادقة على مجموعة من التعيينات في مناصب عليا.
وفي المجال الإنساني، عاد أطفال القدس إلى ديارهم بعد مشاركتهم في الدورة الـ16 للمخيم الصيفي بالمغرب، الذي نظم تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس، حيث أعربوا عن امتنانهم لهذه المبادرة التي شكلت تجربة إنسانية فريدة أضفت دفئًا وأملًا في قلوبهم.



