عزيزة جلال: نجمة لا تغيب عن سماء الطرب الأصيل

في زمن كان الغناء فيه يحمل طابعًا خاصًا من الرقي والجمال، سطع نجم فنانة مغربية شابة لم يمهلها القدر وقتًا طويلاً لتترك بصمتها، لكنها فعلتها في سنوات معدودة. إنها الفنانة عزيزة جلال، التي لا يزال صوتها يتردد صداه في قلوب عشاق الطرب الأصيل، رغم قرارها المفاجئ بالاعتزال في قمة مجدها الفني.
و ولدت عزيزة جلال في مدينة مكناس المغربية، واكتشف موهبتها الموسيقار الكبير عبد الوهاب الدكالي، لم تكن مجرد صوت جميل، بل كانت تمتلك أداءً فريدًا ولقبها الجمهور بـ”أيقونة الأغنية العربية”. انطلقت مسيرتها الفنية في ثمانينيات القرن الماضي، وسرعان ما انتقلت إلى مصر، عاصمة الفن العربي آنذاك، لتتعاون مع كبار الملحنين والشعراء.
فكانت أغنية “مستنياك”، التي لحنها الموسيقار بليغ حمدي، بمثابة شهادة ميلاد فنية حقيقية لها، حيث تجاوزت الأغنية حدود المغرب ومصر لتصل إلى كل أنحاء الوطن العربي، وتصبح واحدة من كلاسيكيات الطرب الخالدة. تبعتها أغنيات أخرى ناجحة مثل “من حقك تعاتب” و”والله زمان”، والتي رسخت مكانتها كواحدة من أهم الأصوات النسائية في جيلها.
و في عام 1985، وبينما كانت عزيزة جلال في قمة تألقها وشهرتها، صدمت جمهورها بقرار اعتزالها المفاجئ. لم يكن القرار نتيجة تراجع فني أو فشل، بل كان بسبب زواجها من رجل الأعمال السعودي الشيخ علي بن بطي الغامدي. فضلت عزيزة جلال الحياة الأسرية الهادئة على أضواء الشهرة والمسارح، واختارت أن تكرس حياتها لزوجها وعائلتها، في خطوة نادرة في عالم الفن،

قد عاشت عزيزة جلال لسنوات طويلة بعيدًا عن الأضواء، بعيدة عن صخب الإعلام، محافظة على خصوصية حياتها الأسرية. ورغم الشائعات التي كانت تلاحقها بين الحين والآخر، إلا أنها ظلت بعيدة تمامًا عن الأضواء.على الرغم من أن مسيرتها الفنية لم تدم طويلاً، إلا أن اسم عزيزة جلال لا يزال محفورًا بأحرف من ذهب في تاريخ الأغنية العربية. لم تكن مجرد فنانة مرت مرور الكرام، بل أيقونة غنائية استطاعت بصوتها الرخيم وأدائها المميز أن تحتل مكانة رفيعة في قلوب الملايين، لتصبح نجمة لا تغيب عن سماء الفن الاصيل.
بعد سنوات طويلة من الغياب، عادت عزيزة جلال إلى الأضواء لتؤكد أن صوتها لم يخبُ ولم تفقد بريقها، فمشاركتها في “موسم الرياض” عام 2020 كانت بمثابة عودة منتظرة ومؤثرة، حيث استقبلها الجمهور بحماس بالغ. مجددًا، صدحت أغنيتها الخالدة “مستنياك” بنفس القوة والإحساس، مؤكدة أن شغفها بالفن لم ينطفئ، وأن صوتها لا يزال قادرًا على لمس القلوب.
عزيزة جلال ليست مجرد فنانة، بل هي قصة عن الاختيار، عن التوازن بين الشغف المهني والحياة الشخصية. إنها نجمة تركت بصمة لا تُمحى، ولا تزال أغانيها تُلهم وتُطرب الأجيال، لتؤكد أن الأصوات الأصيلة تبقى خالدة، مهما طال بها الزمن أو تغيرت الظروف.



