Hot eventsأخبارأخبار سريعةعين الحدث الافريقي

المغرب يرفع سقف الطموح: معارك ضد الفساد.. قفزات في الابتكار.. وحركية دبلوماسية تعيد رسم المستقبل!

تستيقظ المملكة هذا الصباح على وقع تحولات كبرى، حيث تتقاطع الطموحات التكنولوجية مع التحديات الاقتصادية، وتتداخل الملفات الداخلية مع الرهانات الإقليمية والدولية. فمن جهة، يواصل المغرب سعيه لتثبيت مكانته في صدارة المشهد الإفريقي في مجال الابتكار والذكاء الاصطناعي، ومن جهة أخرى يواجه معارك داخلية حاسمة ضد الفساد الإداري واختلالات تدبير المال العام، بينما تتسارع دينامية الدبلوماسية المغربية في محيطها القاري والمتوسطي، متوازيةً مع حركية اقتصادية واستثمارية متنامية تعزز حضور المملكة كبوابة استراتيجية بين أوروبا وإفريقيا.

وفي قلب هذا الحراك، جاء تقرير بحثي جديد ليضع المغرب ضمن “بؤر الطموح العالي” في إفريقيا في مجال الذكاء الاصطناعي، رغم تصنيفه ما يزال ضمن فئة الأسواق الناشئة في جذب الاستثمارات. فقد كشف التقرير الصادر عن الشركة النيجيرية “Heirs Technologies” أن الشركات المغربية الناشئة في هذا القطاع جمعت، رفقة أربع دول أخرى، نحو 170 مليون دولار فقط، مقابل 495 مليون دولار استقطبتها جنوب إفريقيا لوحدها. ومع ذلك، يراهن المغرب على بنيته الرقمية الصاعدة، حيث يضم ثمانية مراكز بيانات متطورة متمركزة أساسًا في الدار البيضاء، لتكون قاعدة لتطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي، في وقتٍ تُظهر فيه القارة الإفريقية برمتها طموحًا متزايدًا لمواكبة سوق عالمي سيبلغ حجمه 244 مليار دولار في العام المقبل.

غير أن رهانات المستقبل لا تحجب مواجهة الحاضر، حيث تواصل الفرقة الوطنية للشرطة القضائية تحقيقاتها المعمقة في ملفات صفقات عمومية مشبوهة بجهة الدار البيضاء-سطات، طالت رؤساء جماعات ومنتخبين سابقين ومقاولين متورطين في تلاعبات ممنهجة بعمليات الأداء وترسية الصفقات، بناءً على تقارير صادمة صادرة عن المجلس الأعلى للحسابات. وتشير المعطيات إلى وجود “شبكات مصالح” صاغت دفاتر تحملات على مقاس شركات بعينها، فيما اضطرت جماعات إلى تحمل تكاليف إضافية بعد انسحاب مقاولات غير مؤهلة من مشاريع حيوية، ما خلّف نزاعات قضائية وخسائر مالية ضخمة.

وبينما تُفتح ملفات الفساد، لا تتوقف الدبلوماسية المغربية عن حركتها المتصاعدة. فقد أجرى وزير الخارجية ناصر بوريطة اتصالًا هاتفيًا مع نظيره السنغالي شيخ نيانغ، لتأكيد عمق العلاقات التاريخية بين الرباط وداكار، وتجديد الالتزام بتعزيز التعاون الثنائي في مجالات متعددة. وفي السياق ذاته، كان للمغرب حضور وازن في القمة الإفريقية الثانية حول المناخ بأديس أبابا، حيث شدّد ممثل المملكة لدى الاتحاد الإفريقي، محمد عروشي، على البعد القاري للرؤية المغربية في مواجهة التغيرات المناخية، مؤكدًا أن المملكة اختارت نهج التعاون جنوب-جنوب عبر تبادل الخبرات ودعم الدول الإفريقية الصديقة في تدبير تداعيات المناخ.

وفي موازاة هذا الزخم الدبلوماسي، يرسخ المغرب موقعه كبوابة للتجارة الدولية، حيث أعلنت مجموعة “دي بي ورلد” عن إطلاق خدمة بحرية جديدة تربط الموانئ المغربية بالمملكة المتحدة وشمال أوروبا، لتقليص زمن تصدير شحنات الفواكه والخضروات إلى بريطانيا بيومين كاملين، مما يعزز مكانة المملكة كمحور استراتيجي للتجارة العالمية.

ومع ذلك، يظل الوضع الاجتماعي محكومًا بالتحديات، إذ تعود قضية إصلاح أنظمة التقاعد إلى الواجهة مع اقتراب انطلاق جولة جديدة من المفاوضات بين الحكومة والمركزيات النقابية الأسبوع المقبل، وسط توتر متزايد بسبب تباين الرؤى حول مستقبل هذه المنظومة. وفي خضم هذه النقاشات، لم تستبعد وزيرة المالية نادية فتاح إمكانية لجوء الحكومة إلى تسقيف الأسعار إذا اقتضت الظروف الاقتصادية ذلك، مؤكدة أن هذا القرار سيُتخذ بهدف حماية القدرة الشرائية للمواطنين وضمان التوازنات الماكرو-اقتصادية.

أما في القطاع الصحي، فقد وجهت الوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية تحذيرات صارمة بشأن أخطاء في تناول دواء الميثوتريكسات المخصص لعلاج بعض الحالات المرضية، مشددة على أن الاستعمال الخاطئ لهذا العقار بشكل يومي بدل الجرعة الأسبوعية قد يؤدي إلى حالات تسمم خطيرة قد تصل إلى الوفاة.

وفي المقابل، يواصل المغرب تحقيق خطوات نوعية في مجالات الابتكار والتعليم والبحث العلمي. فقد حلّ في المرتبة الرابعة إفريقيًا من حيث عدد براءات الاختراع، مسجلًا 579 براءة ممنوحة و2913 طلبًا، ما يعكس دينامية قوية في قطاعات صناعة السيارات والطاقات المتجددة والأدوية والزراعة. كما عززت جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية مكانتها العالمية بافتتاح فرع جديد في نيويورك، ليكون جسرًا بين الكفاءات الإفريقية والشبكات الأكاديمية والبحثية الدولية.

وفي سياق دعم الابتكار، وقع المغرب اتفاقًا مع الاتحاد الأوروبي لتعزيز مشاركته في “الشراكة من أجل البحث والابتكار في المنطقة المتوسطية” للفترة 2025-2027، بما يتيح للجامعات المغربية الولوج إلى مشاريع استراتيجية تعالج تحديات بيئية واقتصادية ملحّة.

وتزامنًا مع هذه الدينامية، شهد المغرب انطلاقة الموسم الدراسي الجديد 2025-2026، حيث التحق أكثر من 8.2 ملايين تلميذ بمقاعد الدراسة، فيما أطلقت وزارة التربية الوطنية قافلة “باب باب” في دورتها الرابعة ببوجدور لدعم التمدرس ومحاربة الهدر المدرسي.

وأخيرًا، تواصل المملكة تعزيز حضورها على الساحة الإقليمية والدولية، سواء عبر مشاركتها في الاجتماع التأسيسي للمجلس البرلماني الآسيوي الإفريقي ببيروت، أو من خلال توقيع اتفاقيات استراتيجية في مجالات الطاقة مع موريتانيا، فضلًا عن بعث جلالة الملك محمد السادس برقية تهنئة إلى رئيس طاجيكستان بمناسبة العيد الوطني لبلاده، في إشارة إلى متانة العلاقات الثنائية وحرص المغرب على تنويع شراكاته الدولية.

بهذا، يطل صباح المغرب اليوم على مشهد غني بالرهانات والتحديات، بين طموح تكنولوجي يسعى لفرض حضوره عالميًا، ومعارك داخلية ضد الفساد، وحركية دبلوماسية واقتصادية تعيد رسم ملامح المستقبل.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button