Hot eventsأخبارأخبار سريعةعين العقل

موكب الورود والطبول… زيارة أم مسرحية؟

بقلم الاستاذ: مولاي الحسن بنسيدي علي

ما إن تطأ قدما “مسؤول كبير” أرض القطاع الذي يشرف عليه حتى تتحول المرافق فجأة إلى قاعة استقبال فخمة: الورود تُنثر، أكواب الحليب تُمد، الطبول تُقرع، والمزامير والزغاريد تعلو، وميكروفونات الإعلام تتسابق لالتقاط كل همسة وكل حركة. صورة كاملة الأركان لزيارة «تفقدية» تذكّر بمشاهد الاستعراضات أكثر مما تعكس حرصًا على الواقع.
لكن وسط هذا الضجيج، تغيب الحقيقة. فالمواطنون الذين يعانون يوميًا من بطء الخدمات، الإهمال، وسوء التدبير، يُقصون عن المشهد؛ أصواتهم لا تصل إلى “معاليه” الذي يسمع فقط ما يُراد له أن يسمعه. الواقع المرّ يُغطى بأشرطة الزينة والخطب الجاهزة، والملاحظات النقدية تُدفن تحت تصفيق الموظفين المُستنفَرين لذلك اليوم.


الزيارة التي يُفترض أن تكون فرصة للوقوف على الأعطاب والاختلالات تتحول إلى بروتوكول منمّق ومشهد إعلامي جاهز للنشر في النشرات الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي. والنتيجة: لا إصلاح حقيقي، ولا معالجة للمشاكل، بل مزيد من الصور التذكارية و”الابتسامات العريضة” التي تُسوَّق على أنها إنجازات.


إن من يريد الإصلاح لا يُعلن قدومه قبل أسابيع، ولا يستقبل بالورود والدفوف، بل يدخل فجأة، يتفقد في صمت، ويصغي للمتضررين لا للمتزلفين، يرى الحقيقة كما هي لا كما تُرسم له. وحدها الزيارات المفاجئة والمراقبة الصادقة هي التي تكشف حجم العبث واللامبالاة، وتحرك الإصلاح الحقيقي بدل الاكتفاء بتلميع الصورة.


حتى يحين ذلك اليوم، سيظل المواطنون ينتظرون “المسؤول” في زيارته القادمة، يراقبون شاشات التلفاز وحسابات التواصل الاجتماعي حيث يظهر مزهوًا كعادته، محاطًا بالتصفيق والورود… فيما مشاكلهم الحقيقية ما تزال تنتظر من يسمعها بلا بروتوكول ولا مساحيق.

ويسدل الستار عن مسرحية كان بطلها مسئول كبير

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button