المرأة والتمثيلية البرلمانية بين نظام الكوطا وإشكالية الترشح في الدوائر المحلية

بقلم/ سليمة فراجي
مع اقتراب موعد الاستحقاقات التشريعية المقبلة، يفرض نفسه من جديد سؤال جوهري ظل يرافق التجربة الديمقراطية المغربية منذ إقرار نظام الكوطا:
هل تمكنت النساء من خوض غمار المنافسة الانتخابية في الدوائر المحلية للوصول إلى البرلمان بعيدًا عن دعم اللوائح الجهوية؟
تشير نتائج استحقاقات ثامن شتنبر 2021 إلى أن النساء حصلن على 95 مقعدًا من أصل 395، أي بنسبة 24 %، وهي سابقة في تاريخ المؤسسة التشريعية المغربية. غير أن المعطى الإيجابي يخفي مفارقة عميقة: 90 مقعدًا من أصل 95 جاءت عبر نظام الكوطا، بينما لم تفز عبر الدوائر المحلية سوى 5 نساء فقط، وهو رقم متواضع جدًا إذا ما قورن بحجم المشاركة النسائية والرهانات السياسية الموضوعة.
هذا التراجع يطرح علامات استفهام حول مدى نجاح نظام الكوطا في لعب دوره كآلية انتقالية، كان الهدف منها فتح المجال أمام النساء لاكتساب الخبرة والتجربة البرلمانية تمهيدًا لخوض المعارك الانتخابية في الدوائر المحلية. فإذا كانت اللوائح الوطنية بالأمس، واللوائح الجهوية اليوم، قد أفرزت نائبات راكمن خبرة معتبرة في العمل التشريعي، فإن السؤال الذي يفرض نفسه: لماذا لم تستطع هذه النخبة النسائية تحويل الرصيد المكتسب إلى حضور وازن داخل الدوائر المحلية؟
بل إن الأمر يكشف عن انتكاسة، إذ في انتخابات 2016 تمكنت سبع نساء من الفوز محليًا، بينما تقلص العدد إلى خمس فقط في 2021، مما يعني أن آلية الكوطا، رغم أهميتها، لم تُحدث الدينامية المرجوة في الوعي الحزبي ولا في سلوك الناخبين.
ويرتبط هذا التعثر بعاملين رئيسيين:
- الأحزاب السياسية التي ما تزال مترددة في منح التزكية للنساء على مستوى الدوائر المحلية، مخافة المجازفة بخسارة المقاعد.
- المحددات السوسيو-ثقافية التي تكرس صورة نمطية حول قدرة المرأة على منافسة الرجال في المعارك الانتخابية المباشرة.
ويزداد الأمر تعقيدًا إذا علمنا أن الحزب المتصدر لنتائج انتخابات 2021، والمكلف بتشكيل الحكومة بموجب الفصل 47 من الدستور، لم تفز أي امرأة باسمه في الدوائر المحلية. وهو مؤشر يختزل في ذاته حجم الهوة بين الخطاب الحزبي المعلن حول تمكين النساء، والممارسة الفعلية عند توزيع الترشيحات.
وعليه، فإن سؤال الحكامة يظل مطروحًا بإلحاح:
هل من المعقول أن تتمرس النساء على العمل البرلماني عبر الكوطا، وتراكم الخبرة والتجربة، ثم تُحرم من إعادة الترشح بسبب القيود القانونية المرتبطة باللوائح الجهوية؟ ألا يؤدي ذلك إلى هدر طاقات نسائية كان الأجدر أن تنتقل لخوض غمار المنافسة في الدوائر المحلية، بما يضمن انتقالًا تدريجيًا نحو المناصفة التي نص عليها الدستور في فصله التاسع عشر؟
إن التجربة المغربية تُبين أن نظام الكوطا، رغم ضرورته في مرحلة معينة، لا يمكن أن يشكل سوى آلية مرحلية، ينبغي أن تُستثمر كجسر نحو المناصفة الفعلية. لكن استمرار النساء في الاعتماد عليه وحده، دون اختراق معترك الدوائر المحلية، قد يجعل المشاركة النسائية أسيرة سقف زجاجي يصعب تجاوزه.



