الارتقاء بأونسا مسألة حتمية وضرورية يجب التسريع بها

أحدث المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية بموجب القانون رقم 25.08 كمؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، وتخضع لوصاية الدولة (الفصل 89 من الدستور المغربي). وليس لوزارة معنية وتخضع كذلك للمراقبة المالية للدولة المطبقة على المنشآت العامة.
ومع بداية اشتغال هذا المكتب وتنصيب هياكله، تم إلحاق عدد كبير من الأطر العليا الخيرة الى أونسا، وضم بعض المصالح المهمة سواء بالإدارة المركزية او بالمديريات الإقليمية للفلاحة، خاصة منها المصالح البيطرية، مصالح حماية النباتات ومصالح قمع الغش، إضافة إلى تفويت بدون عوض لجميع المنقولات والعقارات لصالح هذا المكتب طبقا للمادة 11 من القانون السالف الذكر.
لكن وزارة الفلاحة سارعت على إصدار مرسومين مستقلين، يتعارضان مع الدستور، الفصل 6 و89 من الدستور المغربي، وأحكام القانون التشريعي رقم 25.08.
وبالرجوع لوصاية وزارة الفلاحة على مؤسسة أونسا، فإن هذه الوزارة تطبقها بمفهوم غير قانوني تتعارض مع الاختصاصات التي أحدث من أجلها هذا المكتب ويضرب في العمق استقلالية المراقبة للمنتجات الغذائية.
وللإشارة، فمن بين المهام الرئيسية المنوطة بهذا المكتب المراقبة السيادية على المواد الغذائية المخصصة للاستهلاك أو التصدير، زيادة على أن هذا المكتب يطبق سياسة الحكومة في السلامة الصحية للنباتات والحيوانات والمنتجات الغذائية.
والجدير بالذكر، أن هذا المكتب منذ إنشائه كان في المستوى المطلوب رغم قلة الإمكانيات، حيث جميع إنجازاته فاقت كل التوقعات وبشهادة الجميع، خاصة أعضاء المجالس الإدارية والمهنيين والمواطنين وذلك بفضل المجهودات الجبارة للمدراء العامين الذين تعاقبوا على هذا المكتب والمشهود لهم بالاستقامة والكفاءة والمسؤولية.
لكن بعد مرور 15 سنة على إحداث هذه المؤسسة، يلاحظ المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية لازال يخضع لهذه الوصاية المعيبة التي تحد من فعاليته حيث يعتبرها هذا الوصي كمديرية تابعة له. وبالتالي يتخبط هذا المكتب في عدة مشاكل وعراقيل يمكن تلخيصها فيما يلي:
- استقلالية هذا المكتب غير الكاملة تعيق من نجاعة قراراته وتحد من تحقيق أهدافه المسطرة مع السياسات العامة للدولة، وتقلل من صلاحياته..
- تصرف وزارة الفلاحة بشكل غير قانوني في ممتلكات اونسا، وتفويتها لإنشاء مشاريع سكنية وتجارية واجتماعية ولحد الساعة وطبقا للمادة 11 من القانون 25.05 فأونسا تعتبر الجهة الوحيدة التي تتوفر على الصفة القانونية للتصرف في المنقولات العقارية الخاصة بالدولة التي وضعت رهن إشارتها في ظل عدم تصفية هذه العقارات. بحيث عمدت وزارة الفلاحة على الترامي على منقولات عقارية تتواجد بها إدارات مهمة لأونسا في عدة مدن بالمملكة وكذلك إصدار قرار وزاري مشترك على مقاس بعض المحظوظين لتحديد المساكن الإدارية الغير قابلة للبيع بدون الرجوع للنصوص التشريعية الخاصة للمنقولات العقارية لأونسا ورأي المسؤول الأول على هذا المكتب.
- حرمان أونسا من تشييد إدارات في المستوى المطلوب على غرار المديريات الجهوية والإقليمية للفلاحة وتجميد مشروع إنجاز مقر المديرية العامة لأونسا بمدينة الرباط.
- نقص كبير في الموارد البشرية واللوجستيكية وتهالك وسائل النقل الموروثة عن إدارة الفلاحة على عكس الإدارات الأخرى التي تتوفر على حظيرة سيارات جديدة ومتطورة ومتنوعة.
وفي الأخير، واستنادا للتوجيهات الملكية السامية في خطاب العرش المجيد الأخير الذي يحث فيه الملك محمد السادس على ضرورة تطوير الصناعات الغذائية، وحفاظا على السلامة الصحية للمنتجات الغذائية سواء موجهة للاستهلاك المحلي او التصدير يتطلب على الحكومة ونحن مقبلون على تنظيم المونديال 2030 التفكير جديا في تطوير الصناعات الغذائية وتأمين السلامة الغذائية للمواطنين والوافدين على المغرب من التسممات عبر ما يلي، - ارتقاء المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية إلى مؤسسة استراتيجية وتحويلها إلى وكالة مستقلة تتمتع بصلاحيات أوسع.
- إصلاح شمولي للترسانة القانونية لمؤسسة أونسا وإلغاء جميع المراسيم والقرارات المعيبة الغير قانونية بما فيها مرسوم وصاية وزارة الفلاحة على مؤسسة أونسا.
- حصر جميع الممتلكات العقارية الخاصة بمؤسسة أونسا وتفويتها بدون عوض طبقا للفصل 11من القانون 28.05 وللإشارة فإن جميع الأحكام والقرارات القضائية بمحاكم المملكة اعتبرت أن وزارة الفلاحة طرف غير ذي صفة لا يحق له التصرف في المنقولات العقارية لأونسا.
- الإسراع بإنشاء إدارة عامة لأونسا بالرباط تليق بمكانتها وتوفير مقرات إدارية في المستوى المطلوب في جميع الأقاليم والجهات على غرار الإدارات الأخرى للدولة.
- إعطاء جميع الإمكانيات المادية واللوجيستيكية والبشرية ووسائل النقل الضرورية لأداء مهام هذه المؤسسة على الوجه الأكمل..



