
بقلم/ ربيع كنفودي
في هجائه لكافور الإخشيدي حاكم مصر، قال المتنبي بيتا شعريا له الكثير من الدلالات والمعاني والعبر، “مَلَأَى السَّنابِل تَنْحَني بِتَواضُعٍ، وَالْفَارغَاتُ رؤوسُهُنَّ شوامِخُ.”

البيت الشعري يصف لنا كيف أن السنابل الملأى تنحني بثقلها بكل تواضع، بينما الفارغات ترفع رؤوسها إلى الأعالي.
ففي كثير من المواقف نصادف أناسا عقولهم وتصرفاتهم وتفكيرهم أشبه بالسنابل، منهم من يتميز بالتواضع في كل المواقف كيفما كانت حدتها و يعالج الامور بالاستماع والتفهم وعدم قمع الرأي، و منهم من يترفع وليست له قابلية حتى للاستماع، ويرددون كلمات من قبيل، “لا، ما يمكنش، أنا اللي فاهم..” وهو ما نقول عليه سياسة “أنا بوحدي نضوي البلاد..” بحال اللي قال، ” les deux tiers” كلشي نعرفهم..”فعلا، هذا هو الواقع مع “حكومة الكفاءات”، “حكومة الإنجازات”، التي، للأسف، أصبحت تكرس كل يوم وكل ساعة وكل دقيقة خرج فيها بعض الوزراء، أو بعض نواب الأغلبية بفشلها الذريع في حل المشاكل ومواجهة الأزمات.
والمشكل لم يعد في الفشل فقط، بل في التعجرف والتسلط في الخطاب والحوار، وهو ما تابعه المشاهد في مرات عديدة ومتكررة، من خلال سواء خرجات بعض الوزراء وبعض نواب الأغلبية، وسواء أيضا في اللقاءات المباشرة كما حدث أمس في لقاء تم بثه على قناة “ميدي 1 تيفي”.
الكل يتحدث عن مطالب “جيل Z”، التي تجاوزت المطالب الإجتماعية، وتفعيل الحقوق الدستورية من صحة وتعليم وشغل، إلى مطالب سياسية أهمها تقديم الحكومة استقالتها، لأنها فشلت في تدبير العديد من الملفات، او بالمعنى الأصح والحقيقي فشلت في تنزيل برنامجها الحكومي التعاقدي مع الشعب، ويخرج الناطق الرسمي للحكومة في لقاء مباشر، عند سؤاله عن هذه المطالب، يجيب الصحفي: “لا علم لي بهذا”، بل الأكثر من هذا يحاول توجيه أصبع الإتهام للصحفي “انت أصبحت الناطق الرسمي باسم الحركة”، مع العلم أن الانضمام لهذا الجيل من أجل المطالبة بحقوق دستورية مشروعة، بل حقوق كونية ليست بتهمة.
اليوم، ومع موجة الحراك التي يعيشها المغرب في هذه الظرفية، يستوجب من الحكومة ان تعيد حساباتها في التعامل مع المواطنين، ومع القضايا التي تشغل الرأي العام، فالتربية تقتضي قبل كل شيء توفير ما هو حق، وليس العكس.
وأختم مقالي بما قاله المفكر المهدي المنجرة، حيث قال: “أعيدوا ترتيب الأولويات”، المعلم قبل اللاعب، والباحث قبل الممثل، والطبيب قبل المغني، والعالم قبل الراقصة، حينها سنقول أننا أمام الكفاءات وحكومة الانجازات، وليس حكومة التفاهات والمهرجانات.



