المغرب يطلق برنامج النفايات الجديد بـ21 مليار درهم

في خطوة استراتيجية نحو تعزيز التنمية المستدامة، كشفت وزارة الداخلية عن إطلاق “البرنامج الوطني لتثمين النفايات المنزلية والمماثلة لها” (PNVDM) للفترة الممتدة بين 2023 و2034. يأتي هذا البرنامج الطموح، الذي يُقدر غلافه المالي بـ21.14 مليار درهم، ليحدث نقلة نوعية في منظومة تدبير النفايات بالمملكة، متنقلاً بها من المقاربة التقليدية المعتمدة على الجمع والطمر إلى نموذج جديد ومتكامل يركز على الفرز، التدوير، والتثمين.
– أهداف استراتيجية لمواجهة تحديات القطاع
جاء الإعلان عن هذه الخطة الاستراتيجية في معرض رد وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، على سؤال كتابي تقدمت به النائبة البرلمانية عزيزة بوجريدة عن الفريق الحركي. ويهدف البرنامج إلى ترسيخ مضامين الاتفاقية الإطار التي وُقعت في 20 ديسمبر 2021 بين القطاعات الوزارية المعنية وجمعية مهنيي الإسمنت، بهدف رئيسي هو تثمين النفايات وتطوير سلاسل الفرز على الصعيد الوطني.
تأتي هذه الخطوة كضرورة ملحة لمعالجة واقع قطاع النفايات في المغرب، الذي يواجه تحديات هيكلية. فقد أوضح رد الوزارة أن النفايات المنزلية تتميز بتركيبة خاصة، حيث تصل نسبة الرطوبة فيها إلى 70% في المجال الحضري، وترتفع نسبة المواد العضوية لتناهز 60%. في المقابل، لا تتجاوز نسبة المواد القابلة للتدوير، مثل الورق والبلاستيك والزجاج والمعادن، عتبة 40%. هذه الخصائص أدت إلى أن نسبة الفرز والتثمين الفعلية على الصعيد الوطني لا تتجاوز 7% حاليًا.
– أهداف محددة ومشاريع متكاملة حتى 2034
لتحقيق هذا التحول الجذري، وضع البرنامج الوطني أهدافًا واضحة ومحددة زمنيًا سيتم بلوغها بحلول عام 2034. على رأس هذه الأهداف:
-رفع نسبة تثمين النفايات إلى 25%، مما سيقلل بشكل كبير من كميات النفايات التي يتم طمرها.
-تحقيق تغطية شاملة بنسبة 100% لخدمات الجمع والكنس.
-العمل على إغلاق وتأهيل كافة المطارح العشوائية الموجودة حاليًا.
-الارتقاء بمستوى قطاع النفايات المنزلية والمماثلة لها في المناطق الحضرية.
-لضمان تنفيذ هذه الأهداف الطموحة، سيتم إنجاز حزمة من المشاريع المتكاملة تشمل:
-إنشاء مراكز حديثة لطمر وتثمين النفايات.
-إعادة تهيئة وإغلاق المطارح القديمة.
-اقتناء آليات متطورة لتحسين جودة تدبير مرفق النظافة.
-إنجاز مشاريع احترافية لجمع وكنس النفايات.
– الدعم والتمويل والآفاق الاقتصادية
لضمان نجاح هذه المقاربة الجديدة، ستقدم وزارة الداخلية المساعدة التقنية للجماعات الترابية لإعداد دراسات الجدوى وملفات طلبات العروض، مع مراعاة خصوصيات كل جماعة وإمكانياتها المادية لضمان استمرارية المشاريع. كما سيتم إطلاق مشاريع للتحسيس ودعم القدرات ووضع آليات دقيقة للتتبع والمراقبة.
على الصعيد المالي، تبلغ مساهمة الدولة في هذا البرنامج حوالي 400 مليون درهم سنويًا، سيتم توفيرها عبر “صندوق التطهير السائل والصلب وتصفية المياه العادمة وإعادة استعمالها” (FALSEEUR)، بينما تقدر مساهمة وزارة الداخلية بحوالي 450 مليون درهم سنويًا.
لم يغفل البرنامج الوطني الجانب الاقتصادي والاجتماعي، حيث من المنتظر أن يفتح آفاقًا استثمارية واعدة للمقاولات الصغرى والمتوسطة، ويعمل على خلق فرص شغل جديدة، مما يجعله رافعة للتنمية المستدامة على المستويين البيئي والاقتصادي. هذا البرنامج يمثل خطوة حاسمة نحو مستقبل بيئي أنظف وأكثر استدامة للمغرب.



