فرنسا وحكيمي: ملف قديم في توقيت حساس يثير تساؤلات حول العدالة والإنصاف

في وقت يسطع فيه نجم الدولي المغربي أشرف حكيمي في سماء الكرة العالمية، مع تصاعد الحديث عن ترشيحه ضمن الأسماء البارزة لنيل الكرة الذهبية 2025، اختارت السلطات القضائية الفرنسية توقيتًا مثيرًا للجدل لإعادة فتح ملف اتهام سابق في قضية تم طيها قبل أكثر من عام، دون توجيه أي تهم رسمية أو استدعاء إلى القضاء، بل في ظل معطيات قانونية وقضائية ظلت موضع تشكيك واسع.
الملف الذي تفجر في بداية 2023، استند إلى اتهامات من شابة فرنسية اتضح لاحقًا، حسب تقارير صحفية ووثائق متداولة، أنها لم تتقدم بشكاية رسمية، ولم تخضع لأي فحص طبي يدعم مزاعمها. كما أن شهادات مقربين، بينهم نجم المنتخب الفرنسي كيليان مبابي، قدمت دعمًا واضحًا لحكيمي، معتبرة أن الحادثة لم تقع بالشكل الذي صورته بعض وسائل الإعلام.
ورغم هذه الوقائع، اختارت النيابة الفرنسية إعادة تحريك الملف مجددًا، في وقت بالغ الحساسية بالنسبة للنجم المغربي، الذي يواصل عروضه القوية رفقة باريس سان جيرمان، ويحظى بدعم جماهيري وإعلامي واسع، خصوصًا من دول الجنوب، التي ترى فيه رمزًا للتميز الرياضي القادم من خارج “المركز الأوروبي التقليدي”.
صدمة في الرأي العام المغربي والعربي
إعادة فتح الملف أثارت استياءً كبيرًا في أوساط الجمهور المغربي والعربي، الذي رأى في الخطوة محاولة واضحة لتشويه سمعة لاعب مسلم وعربي في ذروة تألقه المهني. وقد اعتبر العديد من المراقبين أن هذه الخطوة تعكس ازدواجية معايير في التعاطي مع قضايا مشابهة حين تتعلق بلاعبين من أصول أوروبية أو ينتمون للأغلبية البيضاء.
الإعلام الفرنسي في قفص الاتهام
الانتقادات طالت أيضًا عددًا من وسائل الإعلام الفرنسية التي وُصفت تغطيتها للقضية بـ”التحريضية” و”غير المتوازنة”، خصوصًا أنها تزامنت مع تجاهل تام لإنجازات حكيمي الكروية، والتركيز بدلًا من ذلك على شبهات لم تثبت قانونيًا، ولم تتم متابعتها قضائيًا حتى اليوم. وقد اعتبر البعض أن هذه الحملة تعكس انزعاجًا ضمنيًا من نجم مغربي يهدد لأول مرة بركوب منصة التتويج العالمية، في ظل هيمنة أوروبية بيضاء مستمرة منذ عقود.
لا يمكن تجاهل أن للعدالة مسارًا خاصًا يجب احترامه وعدم التشكيك فيه جزافًا، ولكن عندما تتقاطع هذه المسارات مع اعتبارات رياضية ودولية وشخصية، فإن التساؤلات تصبح مشروعة حول الحياد والنزاهة، خصوصًا حين يبدو أن بعض الملفات تُستحضر في أوقات معينة بهدف التأثير على الصورة العامة لأشخاص بعينهم.
في ظل ما يشهده العالم من تحولات في مفاهيم العدالة والتمثيل والرمزية، تطرح قضية حكيمي مثالًا دقيقًا لحالة لاعب صاعد، فرض نفسه بالكفاءة والاجتهاد، ليجد نفسه في مرمى حملات إعلامية وقضائية قد لا تكون بريئة بالكامل. وبينما يبقى الحكم النهائي بيد القضاء، فإن المعركة الأهم تبقى على أرضية الملاعب، حيث يواصل حكيمي تقديم ما يثبت أنه يستحق أن يُعامل كلاعب عالمي، لا كمجرد “استثناء عربي” في منظومة لا تزال تُتهم بالانغلاق والتفوق الثقافي.



