أطول يوم وليلة: مسرحية الإسهال والفوضى.. قبل الساعة الخامسة مساء

بقلم الاستاذ: مولاي الحسن بنسيدي علي
لقد مرت عليهم أطول يوم وليلة، يومٌ يكاد أن يخلّد في ذاكرة البشرية بوصفه “يوم المجاعة الداخلية”، حيث جفاهم النوم وباتوا يتلوون من شدة المغص كأنما يرقصون رقصة الأسى على أوتار دورة المياه. ذهابا وإيابا، يطوفون في أروقة المرحاض كأنهم في طوافٍ روحاني، لكن دون أي شعور بالقداسة، بل مجرد انتظار لإشراقة الصباح التي لم تأتِ بعد.
كثير منهم، نقضوا وضوءهم وكأن الماء أصبح كافوراً أو سحرًا، ولم يلتحقوا بالمسجد لأداء صلاة الظهر، بل اكتفوا بالجلوس على العتبات المؤقتة في حماماتهم، يتأملون الانعكاسات القاتمة لحياتهم على بلاط الأرضية الرطب.
في زاوية المدينة، قال لي صاحب دكان بابتسامة محملة بالهزيمة: “لقد نفذت من السلعة، الحفاظات..!”، بينما ابتسمت أنا داخليًا، وكأن رائحة الإسهال أصبحت لغة الإشارات الوحيدة التي يتواصل بها البشر. لقد أصبح الإسهال ظاهرا، ورائحته قد ازكمت الأنوف، كأن الطبيعة نفسها قررت أن تفضحهم علنًا.
وهم ما يزالون ينتظرون الخامسة مساء، كأن الزمن قد توقف ليعذّبهم بطريقته الخاصة، أطول يوم وليلة، مرّ عليهم كالسير في كابوس، يومٌ يختلط فيه الألم بالهزل، والشفقة بالشماتة، وها أنا أكتب الآن، أستمتع بنثر هذه المعاناة على صفحات الورق، رمزيةً لكل من تغنى بالقوة أمام الطبيعة البشرية، وغنيمةً لكل من نسوا أن الجسد، مهما علا شأنهم، يظل ساحة للغضب البيولوجي.
أليس من الرائع أن نرى الذين يظنون أنفسهم فوق كل شيء يركعون أمام حقيقة بسيطة، يركعون أمام بطونهم؟ إنهم يحاربون وهمية الشرف والكرامة، فيما بطونهم تكتب تاريخهم الحقيقي، فصلًا من أطول يوم وليلة في حياتهم.
وهكذا، يصبح الإسهال، يا أعزائي، رمزًا لكل غرورٍ سقط، ولكل كبرياءٍ انسحق، ولكل انتظارٍ عبثي لصباحٍ قد يشرق أو لا يشرق على أصحاب المعالي، لكن لا بأس، فهناك متعة لا تقاوم في الشماتة، وبهجة لا توصف في رؤية العدالة البيولوجية تُنفذ بدقة لا تُخطئ.



