جنوب إفريقيا تعترف بتحول الموقف الدولي

لم يمض وقت طويل على اعتماد مجلس الأمن الدولي للقرار رقم 2797 بشأن قضية الصحراء المغربية حتى بدأت تداعيات هذا القرار تظهر داخل معسكر خصوم الوحدة الترابية للمملكة وفي مقدمتهم جنوب إفريقيا التي شكلت لعقود أحد أبرز الداعمين لجبهة البوليساريو والواجهة الدبلوماسية للخطاب الانفصالي داخل القارة الإفريقية.
فبعد تصويت الأغلبية الساحقة من أعضاء مجلس الأمن لصالح القرار الجديد وخلوه من أي إشارة لخيارات خارج إطار المبادرة المغربية للحكم الذاتي،عبرت بريتوريا عبر ممثلها الدائم لدى الأمم المتحدة عن خيبة أملها من المضمون النهائي للقرار معتبرة أنه يميل بشكل واضح إلى المقترح المغربي وهي تصريحات تعكس بشكل غير مباشر اعترافا ضمنيا بتحول موازين القوة الدبلوماسية لصالح المغرب.
ورغم محاولات جنوب إفريقيا في البداية تغليف موقفها بلغة دبلوماسية حذرة،إلا أن تصريحاتها كشفت حجم الإحباط داخل صفوف الدول التي كانت تراهن على استمرار ما تسميه بـ“تقرير المصير”. فالعالم اليوم كما تقول مصادر دبلوماسية أممية،يتجه نحو تأييد الحل الواقعي والعملي الذي يضمن الاستقرار في المنطقة والمتمثل في مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية التي وصفها مجلس الأمن منذ سنة 2007 بأنها جدية وذات مصداقية.
أما في الجزائر التي راهنت على حشد دعم أفريقي ودولي ضد القرار، فقد اختارت وسائل إعلامها الرسمية التكتم على المضمون الحقيقي للنص الأممي في محاولة لتفادي الإحراج أمام الرأي العام الداخلي خصوصا بعد أن أكدت تصريحات المسؤول الجنوب إفريقي أن مجلس الأمن حسم مرجعيته في التعامل مع الملف في اتجاه دعم المقاربة المغربية للحل السياسي.
ويجمع المراقبون على أن التحول في موقف جنوب إفريقيا ولو على مستوى الخطاب يحمل رمزية كبيرة إذ كانت من أكثر الدول تشددا داخل الاتحاد الإفريقي ضد المغرب،قبل أن تدرك أن الواقع الدولي الجديد لم يعد يسمح بالاصطفاف خلف أطروحات فقدت التأييد والدعم.
فالدبلوماسية المغربية بقيادة جلالة الملك، نجحت في بناء شبكة واسعة من التحالفات الإفريقية والدولية توجت بفتح قنصليات عامة لأزيد من 30 دولة في مدينتي العيون والداخلة وهو ما جعل الموقف من مغربية الصحراء يتحول من خلاف سياسي إلى توافق دولي متنام.
وفي الوقت الذي يعبر فيه الشارع الجزائري على مواقع التواصل الاجتماعي عن استغرابه من موقف جنوب إفريقيا،يحتفي المغاربة بانتصار جديد لدبلوماسيتهم الهادئة التي استطاعت بحكمة ورؤية استراتيجية أن تنقل قضية الصحراء من خانة النزاع إلى خانة الشرعية الدولية.
ويؤكد محللون أن القرار الأممي الأخير وما تبعه من ردود أفعال يمثل صفحة جديدة في مسار الاعتراف الدولي بمغربية الصحراء ويؤشر على أن المقاربة المغربية الواقعية أصبحت تحظى بدعم أغلب القوى العالمية،في حين تتراجع الأطروحات الانفصالية أمام منطق القانون والشرعية السياسية.



