أخبارإفريقياالأنشطة الملكيةالرئيسيةتقارير وملفاتجهات المملكة

من قسم المسيرة إلى عهد الوحدة: ملحمة وطن يسير بثبات نحو المستقبل

في كل سنة، تتجدد في السادس من نونبر ذكرى المسيرة الخضراء المظفرة، تلك الملحمة التاريخية التي وحدت الشعب والعرش في سبيل استرجاع الأقاليم الجنوبية للمملكة.

هذه السنة تاتي متزامنة مع إقرار جلالة الملك محمد السادس نصره الله “عيد الوحدة الوطنية”، بعد القرار الأخير الصادر عن مجلس الأمن الدولي الذي أكد مصداقية وواقعية مقترح الحكم الذاتي كحلّ نهائي لقضية الصحراء المغربية.

بهذا الإعلان الملكي، يُتوَّج مسار دبلوماسي وتنموي امتدّ على أكثر من عقدين، ويُكتب فصل جديد في تاريخ الوحدة الوطنية التي ما فتئ جلالته يرعاها ويعززها منذ اعتلائه العرش سنة 1999.

منذ توليه عرش أسلافه المنعمين، جعل جلالة الملك القضية الوطنية الأولى محور سياساته الداخلية والخارجية، واعتبر الوحدة الترابية خطاً أحمر لا يقبل المساومة.
وقد أطلق جلالته سلسلة من الإصلاحات البنيوية التي أعادت الثقة في المؤسسات ورسّخت دعائم دولة حديثة قوامها العدالة، والإنصاف، والتضامن الوطني

و جاء دستور 2011 كتتويج لمسار إصلاحي عميق، يؤسس لمغرب مؤسساتي حداثي، يُكرّس الجهوية المتقدمة ويضمن المساواة بين المواطنين والمواطنات، ويمنح الجهات مكانة محورية في التنمية.
كما أكد الدستور على أن وحدة المملكة ترابية غير قابلة للتجزئة، مما أضفى قوة قانونية إضافية على الموقف المغربي في المحافل الدولية.

حيث أطلق جلالته سنة 2004 مشروع الجهوية الموسعة، باعتبارها مدخلاً لتوزيع عادل للثروات والاختصاصات، وتمكين الجهات من بلورة رؤاها التنموية.
وقد شكلت الأقاليم الجنوبية نموذجاً رائداً لتطبيق هذا التصور بفضل خصوصياتها التاريخية والثقافية.

كما في سنة 2007، قدم المغرب إلى الأمم المتحدة مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، كحلّ سياسي واقعي ونهائي للنزاع الإقليمي حول الصحراء.
وحظي هذا المقترح باعتراف ودعم متزايد من قِبَل المنتظم الدولي، إلى أن جاء قرار مجلس الأمن الأخير الذي كرّس الحكم الذاتي كحلّ وحيد وواقعي وذي مصداقية، ما دفع الملك محمد السادس إلى إقرار “عيد الوحدة الوطنية” تخليداً لهذه اللحظة التاريخية.

ايضا اعتمد جلالة الملك رؤية استراتيجية شاملة من خلال النموذج التنموي الجديد، الذي يهدف إلى بناء اقتصاد متنوع ومجتمع منصف متضامن، قائم على المعرفة والعدالة المجالية والابتكار.
هذا النموذج يشكل خريطة طريق لمغرب المستقبل، حيث تندمج التنمية مع روح الوطنية والوحدة.

فأعطى جلالته سنة 2015 من مدينة العيون انطلاقة البرنامج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية بميزانية فاقت 77 مليار درهم، لتصبح الصحراء المغربية قطباً اقتصادياً استراتيجياً يربط المغرب بعمقه الإفريقي.
المشاريع المنجزة شملت البنيات التحتية، الطاقة المتجددة، التعليم، والصناعة البحرية، ما جعل هذه الأقاليم نموذجاً في التنمية المندمجة.

و منذ سنة 2021، انتقل المغرب إلى مرحلة التنمية الشاملة التي تشمل كل جهاته، في انسجام مع مبادئ الجهوية المتقدمة والنموذج التنموي الجديد.
وأصبح المغرب اليوم ورشاً مفتوحاً في مجالات الرقمنة، الطاقة الخضراء، والصناعة المستدامة.

و جيئ إعلان الملك محمد السادس عن عيد الوحدة الوطنية كتتويج لمسار سياسي ودبلوماسي وتنموي متكامل، ومكافأة رمزية للشعب المغربي الذي ظل متشبثاً بثوابته الوطنية.
فهو عيد الانتصار للوحدة الترابية، وترسيخ لمغربية الصحراء في الوعي الدولي، وتجسيد لعهد جديد من الافتخار الوطني.

فمن ملحمة المسيرة الخضراء سنة 1975 إلى عيد الوحدة الوطنية سنة 2025، تتواصل المسيرة بقيادة الملك محمد السادس، الذي جعل من الوحدة والتنمية وجهين لعملة واحدة.
إنها مسيرة تاريخية متجددة تُترجم شعار المملكة الخالد:
“الله، الوطن، الملك.”

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button