نهضة اقتصادية بلا ديون… حتى لا تفرح البنوك بنا!

بقلم: مصطفى بوريابة
صرّح رئيس مجلس الأمة الجزائرية، صالح قوجيل، أن الجزائر انطلقت في نهضة اقتصادية شاملة دون الحاجة إلى مديونية خارجية. وهنا توقّفت للحظة، وأعدت قراءة الجملة، لأتأكد أنني لم أكن أحلم أو أقرأ إعلانًا ترويجيا من تلك الإعلانات التي تقول: “اربح مليون دولار من دون أن تدفع شيئًا!”
القوجيل لم يُلقِ الكلمة بنفسه، بل أوكل المهمّة إلى النائب ساعد عروس. ويبدو أن قوجيل كان مشغولًا إما بترتيب أوراق النهضة أو باحتساء قهوة الصباح على مهل. لا نلومه، فالنهضات تحتاج إلى تركيز… وكثير من الراحة.
نهضة بدون ديون؟! هذا يعني أن الجزائر أول دولة تقول للبنك الدولي: “شكرا، لا نحتاج إلى أموالكم، نحن في طور التزهزه الذاتي.” وهي جملة لم أسمعها من قبل إلا من جدتي عندما ترفض أخذ النقود من ابنها وتقول: “عندي الحمد لله، بارك الله فيك.”!
ثم جاءت القنبلة البلاغية: “استقلال اقتصادي يليق بالاستقلال السياسي.” وهنا أحسست أن القوجيل يرتدي بدلة أنيقة ويستعدّ لخطبة فتاة أحلامه أمام الحضور العربي، بكاريزما واثقة، دون الحاجة إلى شهود دوليين ولا دفاتر شيكات.
أمّا عن الوضع العالمي، فقد وصفه قوجيل بأنه “بيئة غريبة المعالم، غزيرة المظالم”. وهي جملة تصلح عنوانًا لفيلم وثائقي من إنتاج الجزيرة الوثائقية، لكن فيها من الحقيقة ما يجعلنا نفكّر فعليًا في الهجرة… إلى أي كوكب صالح للعيش.
ثم أكّد المتحدث على ضرورة “وحدة الموقف العربي”، وأنا هنا كاد يغشى عليّ من الضحك. وحدة الموقف؟ يا سيّدي، نحن لا نتّفق حتى على نوع القهوة في الاجتماعات، كيف سنتفق على مواقف استراتيجية؟!
لكن الأجمل في التصريحات هو ما خصّ به القضية الفلسطينية، حين قال: “هي قضية وطنية بالنسبة إلينا في الجزائر.”، وهنا نرفع القبعة.
وفي الختام، نحب أن نقول للسيد قوجيل: يا سيدي الكريم، إذا كانت الجزائر تنهض بلا ديون، فالرجاء أرسلوا لنا وصفة هذا النهوض مكتوبة بخط واضح، لأننا نحتاجها أيضًا في الأحياء والقرى، علّنا ننهض نحن أيضًا… على الأقل من فوق السرير.



