Hot eventsأخبارأخبار سريعةإفريقياالناس و الحياةمجتمع

دبلوماسية الموز والتمر.. الجزائر تبهر العالم بخيرات الأزمة!

في مشهد يختصر فلسفة الدولة الجزائرية الحديثة، اجتمعت السيدة البريطانية المحترمة مع مسؤول جزائري رفيع، على طاولة مستديرة، تزينها ثلاثية القوة الاقتصادية الجديدة: الموز، التمر، وزجاجات الماء البلاستيكية. نعم، لم تكن طاولة مفاوضات نووية، ولا قمة اقتصادية عالمية، بل قمة “موزية تمرية” بنكهة الأزمة.

في دولةٍ تتأرجح على حافة الانهيار الاقتصادي، حيث تندر الحليب ويُهَرَّب الزيت، وتتحول طوابير السميد إلى سباقات ماراثونية، قررت الدولة أن تُظهر للضيف الغربي كيف يمكن التغلب على المجاعة بابتسامة، وربطة عنق صفراء فاقعة، وصحن موز ناضج. فالسيادة تُقاس اليوم بعدد حبات التمر في صحنك، لا بعدد المستشفيات أو المدارس أو المصانع التي تعمل.

ربما أراد صناع المشهد إيصال رسالة عميقة مفادها: “انظروا كيف نعيش في النعيم رغم الجحيم”، وربما أرادوا استعراض قدرتهم العجيبة على اختزال الكرم الجزائري كله في موزتين وتمر مجفف، دون أن يشعروا بسخرية الصورة، ولا بعين المواطن الذي يقف منذ الخامسة صباحًا في طابور الخبز المدعوم، وهو يشاهد هذه الوليمة البروتوكولية.

حتى الموز، الذي كان يومًا فاكهة الأثرياء، أصبح اليوم سلاحًا دبلوماسيًا. لا حاجة لبروتوكولات رسمية أو مأدبة شاي. الموزة الواحدة تعبر عن ميزانية الدولة كاملة: صفر استثمار، صفر تنمية، كثير من القشور.

أما التمر، فحدث ولا حرج! فاكهة صامدة رغم الفقر، يعلّقون عليها آمال “الأصالة”، وكأنها جائزة ترضية لزائر يطمح لعقود بترولية لا لبروتين نباتي مغلف بسكر طبيعي.

الطاولة كانت فقيرة كحال الدولة، أنيقة بشكل مصطنع، مثل خطاب رسمي عن “الجزائر الجديدة”. وحتى الأعلام المصغّرة في المنتصف بدت وكأنها تحاول الهروب من هذا المشهد الكوميدي، كأنها تقول: “لسنا مسؤولين عن ما تروه هنا”.

هكذا، في عزّ الأزمة، تستعرض الدولة قوتها الناعمة… بالموز. ومن يدري؟ ربما سنشهد قريبًا “منتدى الجزائر الدولي للموز والتمر”، أو نقرأ عن “دبلوماسية النخيل” بدل “دبلوماسية الغاز”. ففي بلدٍ قرر ألا يعترف بواقعه، تصبح الفاكهة أداة حكم، والابتسامة سياسة، والصمت فضيلة وطنية.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button