قانون المسطرة الجنائية الجديد: تضييق على المجتمع المدني في مواجهة الفساد؟

أثارت مصادقة لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان والحريات بمجلس النواب بالأغلبية على مشروع قانون المسطرة الجنائية رقم 03.23 جدلاً واسعًا حول مستقبل دور المجتمع المدني في محاربة الفساد المالي والإداري بالمغرب.
أرقام وتعديلات.. والصيغة النهائية كما أرادها الوزير:
رغم تقديم الفرق النيابية لـ 1384 تعديلاً خلال مناقشة استمرت 11 ساعة، تم التصويت بالأغلبية لصالح المشروع (18 مؤيدًا مقابل 7 معارضين)، مما يعكس قدرة الحكومة على تمرير رؤيتها.
المادة 3: حصر الدعوى العمومية بيد النيابة العامة:
تنص المادة 3 على أن إقامة الدعوى العمومية وممارستها أصبح اختصاصًا حصريًا للنيابة العامة، ولا يمكن فتح الأبحاث أو تحريك الدعوى في قضايا المال العام إلا بطلب من الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بناءً على تقارير من مؤسسات رسمية. هذا أثار انتقادات قوية من المعارضة والفعاليات المدنية، معتبرين أنه يفرغ التبليغ الشعبي والجمعوي عن الفساد من مضمونه.
المادة 7: الجمعيات بين تقييد التقاضي وتحدي الاستقلالية:
اشترطت المادة 7 على الجمعيات الحاصلة على صفة المنفعة العامة ضرورة الحصول على إذن مسبق من وزارة العدل للانتصاب طرفًا مدنيًا أمام القضاء، وهو ما اعتبره معارضو النص تقليصًا لاستقلالية المجتمع المدني وتحجيمًا لدوره الرقابي.
وهبي يبرر: مواجهة “ابتزاز الجمعيات”:
دافع وزير العدل عبد اللطيف وهبي عن هذه القيود، مبررًا ذلك بوجود حالات “خطيرة” من استغلال الجمعيات لآلية التبليغ عن الفساد في أغراض “الابتزاز السياسي أو المالي”.
المجتمع المدني: تراجع أم إعادة تنظيم؟
يثير القانون تساؤلات حول العلاقة بين الدولة والمجتمع المدني في محاربة الفساد. هل نحن أمام تنظيم قانوني للجدية والشفافية أم تراجع حقوقي يحجم دور الفاعلين المستقلين؟ يرى مراقبون أن تقييد آليات التقاضي للجمعيات سيؤثر سلبًا على فعالية منظومة النزاهة.
هل تعيد السلطة احتكار ملف الفساد؟
يرى البعض أن توسيع منطق الإذن والإقصاء يعكس تحولًا نحو مركزية صارمة في تدبير ملف الفساد، وهو ما يتعارض مع التزامات المغرب الدولية بإشراك فعال للمجتمع المدني في تتبع المال العام.