الجزائر تبني الملاجئ: نكتة الموسم أم استعداد لنهاية العالم؟

في خطوة تثير الضحك حد البكاء، دعت لجنة الشؤون القانونية والحريات في برلمان جارنا الشرقي إلى الشروع الفوري في بناء ملاجئ! بينما العالم من حولنا يعيش في سلام نسبي (باستثناء بعض “المشاغبات” البسيطة هنا وهناك)، يقرر هؤلاء الأفاضل أن الوقت الأمثل لاستثمار أموال الشعب هو في حفر السراديب.
قد يتبادر إلى الذهن سؤال ساذج: لماذا؟ الجواب بسيط ومضحك في آن واحد: استعدادًا لتنفيذ مشروع قانون التعبئة العامة المرتقب. نعم، فبدلًا من التركيز على توفير الماء الصالح للشرب لمواطنين ما زالوا يعانون العطش في القرن الواحد والعشرين، أو تحسين الخدمات الصحية المتهالكة، أو حتى محاولة فهم سبب عزلة البلاد الدبلوماسية المتزايدة، الأولوية الآن هي بناء “بيوت آمنة” تحت الأرض.
تخيلوا المشهد: المواطن الجزائري البسيط، الذي بالكاد يجد قوت يومه، يُطلب منه المساهمة في بناء ملجأ قد لا يراه أبدًا. ربما سيتم استخدامه في نهاية المطاف كمخزن للبطاطا أو كإسطبل للحمير، ففي نهاية المطاف، الحاجة أم الاختراع.
والأكثر إثارة للدهشة هو اقتراح اللجنة بـ”إدماج نزلاء السجون في جهود التعبئة العامة”! بدلًا من قضاء عقوباتهم، سيتحول السجناء فجأة إلى قوة عاملة في زمن “الحرب” المحتملة. نتمنى فقط ألا يكونوا مدربين على الحفر في اتجاه معاكس.
أما عن “تطوير المحتوى الرقمي للتصدي لتأثير وسائل التواصل الاجتماعي الأجنبية”، فهذه قمة الكوميديا. بدلًا من محاولة فهم العالم والتفاعل معه بإيجابية، يفضلون بناء جدار رقمي عازل. وكأن الحقيقة تخاف من بعض المنشورات الفيسبوكية!
رجال الأعمال، بدورهم، يعيشون حالة من الذهول الكوميدي. يخشون من أن تؤدي “التعبئة العامة” إلى شلل اقتصادي. تخيلوا المصانع والمتاجر وقد تحولت فجأة إلى ثكنات عسكرية. بدلًا من إنتاج السلع، سينتجون… ماذا بالضبط؟ المزيد من الملاجئ؟
في الختام، يبدو أن جارنا العزيز اختار طريقًا فريدًا للتنمية: حفر الأرض والتوجس من كل ما هو قادم من الخارج. بدلًا من بناء جسور نحو المستقبل، يفضلون بناء جدران تحت الأرض. نتمنى لهم كل التوفيق في “جهودهم”، ونأمل ألا ينسوا تهوية الملاجئ جيدًا. ففي النهاية، حتى أكثر الخطط “استراتيجية” قد تختنق بسبب قلة الأكسجين.



