
شهدت الأوضاع في الشرق الأوسط تصعيدًا خطيرًا اليوم، مع تبادل حاد للاتهامات بين إيران وإسرائيل في مجلس الأمن الدولي، وتأكيد كل طرف على حقه في الدفاع عن النفس، وسط جهود دبلوماسية مكثفة من قبل دول أوروبية والولايات المتحدة لاحتواء الموقف المتدهور.
– معارك دبلوماسية وتصعيد ميداني
طلبت إيران من مجلس الأمن التحرك الفوري لوقف ما وصفته بـ”عدوان إسرائيل” عليها، مؤكدة أن الهجوم الإسرائيلي ينتهك سيادتها والقانون الدولي، وأنها ستواصل ممارسة حق الدفاع عن النفس. في المقابل، أعلن مندوب إسرائيل في مجلس الأمن أن بلاده “لن توقف حربها ضد إيران حتى تحقيق أهدافها”، محذرًا من أن إيران “تقصف اليوم تل أبيب وغدًا ربما بروكسل أو روما أو برلين أو غيرها”، وداعيًا المجلس إلى عدم تصديق الرواية الإيرانية.
تتزامن هذه التطورات الدبلوماسية مع أنباء عن وقوع عدة انفجارات في محافظة خوزستان جنوب غرب إيران، وإعلام إسرائيلي يفيد بارتفاع عدد المصابين في حيفا إلى 44 جراء “الرشقة الصاروخية الإيرانية الأخيرة”.
– العراق يدين اختراق أجواءه ويحذر من “حرب شاملة”
في تصريح لافت، كشف مندوب العراق في مجلس الأمن عن انتهاك إسرائيل لأجواء بلاده لضرب إيران، مؤكداً أن “50 طائرة إسرائيلية اخترقت أجواءنا اليوم وضربت إيران”. وحذر العراق بشدة من أن “حرب إسرائيل على إيران تنذر بتحويل المنطقة إلى ساحة صراع شامل”، داعياً إلى تعزيز لغة الحوار واحتواء التصعيد، ومحذرًا من “التسربات الإشعاعية جراء الهجمات الإسرائيلية على إيران”.
– موقف بوتين و”القنبلة القذرة”
من جهته، أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن “قلقه” من أن العالم يتجه نحو حرب عالمية ثالثة، في إشارة إلى خطورة الوضع. وفي دعم واضح لإيران، أكد بوتين أن روسيا “تواصل العمل في محطة بوشهر النووية ولا تقوم بإجلاء الموظفين من هناك”، مضيفًا أنه “يدعم إيران في نضالها من أجل مصالحها المشروعة بما في ذلك الطاقة الذرية السلمية”.
– جهود أوروبية وأمريكية للتهدئة
في جنيف، استؤنف الاجتماع الإيراني الأوروبي بعد توقف مؤقت للتشاور، حيث تبدي القوى الأوروبية رغبتها في إبقاء قنوات الحوار مفتوحة. وزير الخارجية الألماني أعرب عن تفاؤله بالمحادثات “الجدية”، فيما أكد الاتحاد الأوروبي أهمية إبقاء المناقشات مفتوحة مع طهران.
وزير الخارجية البريطاني شدد على أهمية مواصلة المناقشات الجارية مع إيران وحثها على مواصلة مناقشاتها مع أمريكا. بينما أكد وزير الخارجية الفرنسي أن “العمليات العسكرية لا يمكنها حل مشاكل إيران الأمنية” وأنها “لن تؤدي إلا إلى تأخير البرنامج النووي الإيراني”، داعيًا إلى حلول جذرية للبرنامج النووي الإيراني، ومؤكداً أن “إيران تمثل تهديداً للأمن الأوروبي”.
وكشفت رويترز أن المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف على اتصال منتظم مع الإيرانيين ومع قطر كوسيط. كما ترأس الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب اجتماعاً للأمن القومي بشأن إيران في البيت الأبيض، مما يشير إلى مستوى الاهتمام الأمريكي بالوضع.
الرئاسة الإيرانية من جانبها صرحت لـCNN بأن “أميركا تستطيع إنهاء الحرب مع إسرائيل بمكالمة هاتفية من ترمب”، وأبدت إيران استعدادها للحوار المباشر أو غير المباشر، ورفضت وقف تخصيب اليورانيوم لكنها أشارت إلى إمكانية تقديم تنازلات.
رغم كل هذه التطورات، أكدت هيئة الرقابة النووية السعودية أن نتائج مراقبة المواد المشعة في الهواء بمواقع متعددة في المملكة “طبيعية ومطمئنة”، في محاولة لتهدئة المخاوف الإقليمية. ومع ذلك، لم يتم الاتفاق على جولة محادثات أخرى بين الوفدين الإيراني والأوروبي بشأن الملف النووي، مما يبقي الباب مفتوحًا أمام جميع الاحتمالات.



