عين الحدث الافريقي: المغرب يحرك بوصلته نحو المستقبل.. تنمية، تصوف، ورياضة بنكهة السيادة

إعداد وتحرير : مصطفى بوريابة
صباح جديد من أرض المغرب، ينبض بالحيوية ويزخر بالرسائل الدبلوماسية والتنموية، حيث تتقاطع المبادرات الملكية مع التحولات الإقليمية والدولية، وتتشكل صورة بلد يمضي بثقة نحو تعزيز مكانته قاريا وعالميا، عبر بوابة الدبلوماسية الروحية والاقتصادية والبرلمانية. ففي مكناس، شدد عميد السلك الدبلوماسي الإفريقي وسفير الكاميرون، محمدو يوسفو، على أهمية الرؤية المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس في خدمة الحوار بين الأديان وتعزيز التعاون الإفريقي، وذلك خلال افتتاح ملتقى مكناس الدولي الأول للتصوف، في لحظة رمزية تؤكد مكانة المملكة في مجال الدبلوماسية الروحية والثقافية.
ومن روح التصوف إلى لغة الأرقام والاستثمارات، أكد سفير المملكة في إيطاليا، يوسف بلا، من قلب روما، أن المغرب يواصل ترسيخ موقعه كمنصة استراتيجية للشركات العالمية، مستفيدا من بنياته التحتية المتطورة وإصلاحاته الاقتصادية العميقة، في حين تُوجت العلاقات المغربية-الفيتنامية بتوقيع اتفاقية برلمانية تعزز مسار التعاون التشريعي بين البلدين، تعبيرا عن إرادة مشتركة لتعزيز أواصر الصداقة المتعددة الأبعاد.
وفي السياق ذاته، يفتتح المغرب اليوم السبت أول مكتب إقليمي للفيفا في شمال إفريقيا، بمحاذاة مركز محمد السادس لكرة القدم، في خطوة غير مسبوقة تجسد الاعتراف الدولي بالموقع الريادي للمملكة على خارطة كرة القدم العالمية، بالتزامن مع نهائي كأس أمم إفريقيا للسيدات الذي يجمع المغرب بنيجيريا في الرباط، في حدث رياضي-دبلوماسي رفيع المستوى.
أما على الصعيد القاري، فقد أعلنت مفوضية الاتحاد الإفريقي عن إعادة تعيين السفير المغربي محمد بلعيش ممثلا خاصا لرئيس المفوضية بالسودان، في تجديد للثقة بكفاءات المملكة ودورها في تحقيق السلم والاستقرار الإقليمي، فيما وقع المغرب بروتوكولا استثماريا ضخما بقيمة 38 مليار درهم لتحديث وتوسيع المطارات، في خطوة تعزز الرؤية الاستراتيجية لتطوير البنية التحتية الجوية حتى أفق 2030.
وفي الدار البيضاء، سُجل تقدم طبي غير مسبوق من خلال أول عملية جراحة باطنية بمساعدة روبوت، باستخدام تقنية “دافينشي”، ما يعكس الطموح المغربي لقيادة التقدم الطبي في المنطقة. أما في القدس، فقد واصلت وكالة بيت مال القدس الشريف تنفيذ توجيهات صاحب الجلالة، بدعم الأسر المقدسية من خلال تمويل 14 مشروعا تنمويا صغيرا، تأكيدا على حضور المملكة في قلب القضايا الإنسانية والروحية للعالم الإسلامي.
وتفاعلا مع هذه الدينامية، أكد المدير العام للمكتب الوطني للمطارات أن الاتفاق الجديد سيجعل من المغرب نموذجا قاريا في جودة الخدمات المطارية. وفي المجال الترابي، ناقش المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إمكانيات تطوير النقل القروي، كرافعة للتنمية وتقليص الفوارق المجالية، كما تطرق لتأثير آلية تعديل الكربون الأوروبية على المبادلات التجارية المغربية، استعدادا لمتغيرات بيئية عالمية مرتقبة.
وفي جنوب المملكة، تتواصل أشغال بناء أكبر جسر في المغرب على وادي الساقية الحمراء بوتيرة متسارعة، كحلقة مهمة من مشروع الطريق السريع تيزنيت-الداخلة، في قلب النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية، فيما تتجه الحكومة بخطى حثيثة نحو إعداد مشروع قانون المالية لسنة 2026، وفق ما أكدت وزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح، مركزة على ضرورة الالتقائية بين السياسات العمومية في أفق ثلاث سنوات.
أما في قطاع الصحة، فقد تم إطلاق خدمات 200 مؤسسة صحية حضرية وقروية عبر ثماني جهات، في مبادرة تواكب الذكرى السادسة والعشرين لتربع صاحب الجلالة على العرش، وتعكس عمق الالتزام بمواصلة تعزيز العرض الصحي الوطني. وفي السياق التكنولوجي، أعلنت الحكومة رسميا عن إطلاق استثمارات ضخمة لتعميم الجيل الخامس للاتصالات (5G)، على أن تشمل التغطية 85 في المائة من المغاربة بحلول سنة 2030.
وفي المجال البنكي، أشار التقرير السنوي لبنك المغرب إلى استقرار بنية القطاع البنكي وهيمنة خمسة بنوك على 76 في المائة من الأصول، مع تسجيل نمو ملحوظ في التمويلات التشاركية التي بلغت 33.8 مليار درهم، مما يعكس تنوع أدوات التمويل المتاحة أمام المواطنين والمقاولات.
وفي كلمة تعكس الامتداد الإفريقي للمغرب، أكد مدير المركز النيجيري للبحوث العربية أن جلالة الملك محمد السادس يولي أهمية بالغة للتعاون جنوب-جنوب، عبر زيارات واتفاقيات استراتيجية تعزز التنمية المستدامة بالقارة، في تجسيد حيّ للدبلوماسية المغربية المتوازنة، التي تجمع بين البعد الروحي، والاقتصادي، والإنساني.
هكذا، تواصل المملكة المغربية رسم معالم ريادتها، من عمق إفريقيا إلى واجهات العالم، عبر مشاريع استراتيجية، ومبادرات دبلوماسية، وإصلاحات تنموية، ترسخ صورتها كدولة رائدة، منفتحة، ومزدهرة.



