أخبارالرئيسيةفي الصميم

خطاب العرش رتب الأولويات بمنطق شمولي يجمع بين التنمية والعدالة و السيادة والانصاف الترابي

في خطابه السامي بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لاعتلاء جلالته عرش أسلافه الميامين، عرض صاحب الجلالة الملك محمد السادس خارطة طريق إستراتيجية لبناء مغرب متقدم ومستقر.

لا يختلف اثنان أن الخطاب الذي جاء في ظرف دولي متشابك وتحديات داخلية متعددة، ارتكز على ثلاثة محاور رئيسية:
المحور الأول تناول فيه جلالته تعزيز التنمية الاقتصادية، أما المحور الثاني فقد تحدث فيه عاهل البلاد عن ترسيخ العدالة الاجتماعية، أما الانفتاح الإقليمي فكان موضوع المحور الثالث الذي تناوله الملك محمد السادس في خطابه. المحاور الثلاثة تجسد رؤية الملك لبناء دولة موحدة وقوية، قادرة على مواجهة التحولات والمتغيرات العالمية.

بقلم/ ربيع كنفودي

خطاب جلالة الملك بهذه المناسبة السعيدة والمقام العالي، لا يقتصر فقط على مخاطبة الحاضر، بل هو تأسيس وتأصيل لطبيعة الدولة المغربية المتجذرة في تاريخها، بصفتها كيانا سياسيا وتاريخيا متجددا، لا يقتصر على مراكمة الإنجازات، بل يقيم نتائجها باستمرار، من أجل إعادة توجيهها لتحقيق العدالة والانصاف بمفهومهما الشمولي.

وعليه يمكن الجزم، فإن خطاب عاهل البلاد، ليس محطة لتقديم حصيلة تقارير رسمية صادرة عن مؤسسات رسمية، بل هو مناسبة تجسد مفهوم سيادة الدولة كما يخطط لها جلالة الملك في الأبعاد الثلاثة المحورية السياسية، والاقتصادية والاجتماعية.

لقد وضع جلالة الملك محمد السادس في خطابه مفهوم التنمية في موقعها الأصلي والصحيح، فهي ليست غاية في ذاتها، وإنما وسيلة تهدف بالأساس الى تحقيق الكرامة الإنسانية وتحسين الوضعية الاجتماعية، الأمر الذي أكده الملك من خلال رفضه التام لأي ورش تنموي يتم الحديث عنه،فقط، من خلال المؤشرات أو الارقام، دون أن تكون له انعكاسات إيجابية على واقع وحياة المواطن.

إن التطرق لنتائج الإحصاء العام للسكان لسنة 2024 لم يكن فقط من أجل التداول او الإخبار، وإنما هي رؤية تعكس لنا حقيقة الواقع من خلال المؤشرات المقدمة من أجل اجتياز العقبات والمشاكل التي أدت الى هذه الوضعية.

فبالرغم من الانخفاض المسجل في معدل الفقر متعدد الأبعاد من ٪11,9 سنة 2014 إلى ٪6,8 سنة 2024، وهو تطور إيجابي، فقد نبه جلالة الملك لمسألة مهمة تتعلق باستمرار مواطن الهشاشة، لاسيما في العالم القروي، حيث لا تزال البنيات التحتية والخدمات الاجتماعية دون المستوى، وما تتطلبه الكرامة التي يسعى المغرب الى تحقيقها.
وهو ما أكده جلالته حين قال، “غير أنه مع الأسف ما تزال هناك بعض المناطق، لاسيما بالعالم القروي، تعاني من مظاهر الفقر والهشاشة بسبب النقص في البنيات التحتية والمرافق الأساسية.

وهو ما لا يتماشى مع تصورنا لمغرب اليوم، ولا مع جهودنا في سبيل تعزيز التنمية الاجتماعية وتحقيق العدالة المجالية.

فلا مكان اليوم ولا غدًا لمغرب يسير بسرعتين.” انتهى كلام جلالته.

خطاب العرش لسنة 2025 هو وثيقة مرجعية وخارطة الطريق لتأسيس رؤية واضحة المعالم من أجل ترتيب الأولويات بمنطق شمولي يجمع بين التنمية والعدالة، وبين السيادة والانصاف الترابي.

فمكانة المغرب اليوم لا تقاس فقط بالأرقام والمؤشرات، وإنما بما يحقق العدالة اجتماعية والمجالية معا.

الخطاب وجه رسائل واضحة المعالم لكل الفاعلين والمتدخلين، بقدر ما هي دعوة، هي إلزام للانخراط الواعي والمسؤول في بناء مشروع وطني متكامل، يجعل من العدالة الاجتماعية ركيزة أساسية للتنمية، ومن التوازن المجالي الترابي شرطا ضروريا لتحقيق الأهداف المتوخاة.

خطاب العرش المجيد هو مناسبة لإبرام تعاقد جديد بين الدولة والمجتمع، أساسه التكامل والمواطنة المنتجة، عوض الانتظارية والازدواجية خصوصا في الخطاب.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button