قرار ملكي ينهي الجدل السياسي حول مشاريع المونديال

في خطوة سياسية مفاجئة قلبت الموازين،وضع القرار الملكي الأخير حدا لطموحات الأحزاب،سواء المنتمية للأغلبية أو المعارضة في قيادة ما كان يتداول إعلاميا وسياسيا بـ”حكومة المونديال”وهي المرحلة التي كان ينتظر أن تدبر الاستعدادات لتنظيم كأس العالم 2030 بعد انتخابات 2026.
الظهير الملكي،الصادر في الجريدة الرسمية أعلن عن تأسيس “مؤسسة المغرب 2030” وتعيين فوزي لقجع وزير الميزانية ورئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم على رأسها بصفته رئيس لجنة تنظيم المونديال،ليقود أكبر ورش رياضي وتنموي في تاريخ المغرب الحديث بعيدا عن التجاذبات الحزبية والحسابات الانتخابية الضيقة.
هذا التعيين لم يكن مجرد إجراء إداري،بل رسالة سياسية واضحة: إدارة حدث بحجم كأس العالم تحتاج إلى كفاءة وخبرة تنفيذية عالية وليس إلى مناورات سياسية أو صراع مواقع. فوزي لقجع الذي جمع بين التجربة المالية والإدارية والرياضية،بات يتحرك بثقة رجل دولة مؤكدا أن تنظيم كأس إفريقيا للأمم 2025 وكأس العالم 2030 ليس مجرد تظاهرتين رياضيتين،بل محرك تنموي ضخم بمشاريع تفوق قيمتها 150 مليار درهم.
ورغم تمركز بعض المشاريع الكبرى في مدن محددة،شدد لقجع على أن ثمار هذه الدينامية الاقتصادية والبنية التحتية ستمتد إلى مختلف جهات المملكة،لضمان عدالة ترابية وتحقيق تنمية مندمجة.وتشمل هذه المشاريع النقل الفائق السرعة- الملاعب والمنشآت الرياضية الحديثة إضافة إلى مرافق سياحية وخدماتية داعمة.
على الصعيد المالي،وضع لقجع تصورا مبتكرا يقوم على شراكات استراتيجية مع مؤسسات وطنية كبرى مثل صندوق الإيداع والتدبير،لتخفيف العبء عن ميزانية الدولة وضمان استدامة التمويل بعيدا عن الضغوط المالية التقليدية.
سياسيا حظي هذا القرار بدعم واسع من مختلف الأطياف البرلمانية،التي اعتبرت أن “مؤسسة المغرب 2030” ستعزل المشاريع الكبرى عن التجاذبات الحزبية وتحررها من الاستغلال الانتخابي،وهو ما ينسجم مع الرؤية الملكية لجعل الرياضة رافعة للتنمية الوطنية الشاملة.
هذا التطور يعكس تحولا في طريقة تدبير المشاريع الاستراتيجية بالمغرب،حيث يتم إسناد القيادة إلى مؤسسات خاصة وذات طابع تنفيذي قوي،بدل الاعتماد على الحكومات والأحزاب التي قد تتأثر بدورات الانتخابات.القرار الملكي يعيد التأكيد على مبدأ “ربط المسؤولية بالكفاءة” ويبعث رسالة بأن الأحداث ذات البعد الوطني والعالمي تحتاج إلى إدارة احترافية بعيدة عن الحسابات السياسية،خاصة وأن مونديال 2030 سيكون أحد أهم المنصات لتسويق صورة المغرب كقوة صاعدة في إفريقيا والعالم العربي.
يمثل تعيين فوزي لقجع على رأس “مؤسسة المغرب 2030” تحولا نوعيا في فلسفة تدبير الملفات الاستراتيجية بالمغرب،حيث يتم الانتقال من منطق التدبير السياسي الخاضع لإكراهات الانتخابات إلى منطق القيادة بالكفاءة والخبرة المتخصصة.فالتحديات المرتبطة بتنظيم كأس العالم 2030 تتجاوز مجرد الجوانب الرياضية،لتشمل بنية تحتية معقدة وتمويلات ضخمة وتنسيقا دقيقا مع شركاء دوليين وهي مهام تتطلب استقلالية القرار وسرعة التنفيذ.
كما أن هذا النموذج الجديد للحكامة يعكس إرادة ملكية لترسيخ مؤسسات مرنة وفعالة،قادرة على قيادة مشاريع كبرى دون أن تتأثر بتقلبات المزاج السياسي أو حسابات الحملات الانتخابية. وفي الوقت الذي ينظر فيه العالم إلى المغرب كمحطة رئيسية في المشهد الرياضي العالمي،يشكل هذا التوجه فرصة تاريخية لوضع البلاد على مسار جديد من التنمية المستدامة،حيث تصبح الرياضة منصة للتخطيط الحضري وجذب الاستثمار وتعزيز مكانة المملكة كقوة إقليمية صاعدة.



