Hot eventsأخبارأخبار سريعةعين الحدث الافريقيمجتمع

السيادة والتنمية في محيط إقليمي ودولي

في متابعة لمستجدات الساحة الوطنية والدولية، تتقاطع الأحداث السياسية مع التطورات الاقتصادية والاجتماعية، إلى جانب المستجدات الثقافية والبيئية، لنرسم صورة متكاملة عن أبرز ما يشغل المغرب والعالم.

نستهل من ذكرى وطنية غالية في وجدان المغاربة، ذكرى استرجاع إقليم وادي الذهب في 14 غشت 1979، حين استقبل جلالة المغفور له الحسن الثاني وفداً من أعيان ووجهاء وشيوخ قبائل الإقليم الذين جددوا البيعة للعرش العلوي، في امتداد لمسار المسيرة الخضراء وتكريس للتلاحم بين العرش والشعب. وهي اليوم أكثر من ذكرى تاريخية؛ رمز للوحدة والسيادة في مواجهة تحديات إقليمية ودولية، تُجسدها نهضة تنموية متسارعة بالأقاليم الجنوبية عبر مشاريع استراتيجية كبرى مثل ميناء الداخلة الأطلسي، وشبكات الطرق العصرية، واستثمارات الطاقات المتجددة.

وفي السياق نفسه، يُثار نقاش حول الموقف المصري من نزاع الصحراء، الذي وُصف بـ”المنطقة الرمادية”. أمثلة ذلك استقبال وفد من البوليساريو بشرم الشيخ سنة 2016، ورفض توقيع ملتمس طرد الجبهة من الاتحاد الإفريقي سنة 2017، والموقف الملتبس إبان عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي. وتُطرح حجج قوية لتغيير هذا النهج: جيوسياسياً لتعزيز التنسيق شرقاً وغرباً وبناء منظومة عربية أكثر صلابة؛ اقتصادياً مع التطور الملحوظ في العلاقات منذ 2019 ولا سيما صادرات السيارات من المغرب والاستثمارات المصرية؛ واستراتيجياً بما يخدم المصالح المشتركة ويقطع مع الحياد غير المُجدي.

أوروبياً، أدانت جمعيات مغربية بإيطاليا استقدام نحو 60 طفلاً من مخيمات تندوف تحت مسمى “سفراء السلام” ضمن برنامج “عطل السلام”، مُحذّرة من استغلالهم السياسي والدعائي. البيان أكد أن هؤلاء الأطفال جزائريون لا صحراويون كما يُروَّج، وندد بانتهاكات تطال القاصرين داخل المخيمات من تجنيد وتلقين قسري، بل وتحرشات موثقة في قضايا سابقة بإسبانيا، مع اعتبار ذلك خرقاً لاتفاقية جنيف. ودعا البيان وزارات الداخلية والخارجية والعمل والعدل الإيطالية إلى حماية القاصرين واتخاذ تدابير رادعة، وقد وقّعه أكثر من 30 فاعلاً جمعوياً من بينها شبكات وهيئات مغربية-إيطالية معروفة.

إفريقياً، سُجّلت محاولة تسلل جديدة لقيادي في البوليساريو إلى الجلسة الافتتاحية لقمة الأحزاب السياسية الإفريقية بأكرا ضمن الوفد الجزائري؛ وقد فضحت صفةُ بطاقة اسمه بالأبيض والأسود، المغايرة لبطاقات المشاركين الملوّنة، غيابَ أي صفة رسمية. وتعيد الحادثة للأذهان واقعة طوكيو خلال تحضيرات “تيكاد”، حين أُحبطت محاولة مماثلة بجواز سفر جزائري، في تأكيد على تآكل سردية الجبهة وعزلتها المتزايدة قارياً.

حقوقياً، أشار التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية حول وضعية حقوق الإنسان بالمغرب إلى عدم تغيّر جوهري عام، مع اتخاذ الحكومة خطوات لمحاسبة المتورطين في الانتهاكات. لكنه سجّل نقص شفافية التحقيقات وتأخيرات إجرائية، وقيوداً على الحق النقابي بالنسبة للعسكريين والشرطة وبعض القضاة. كما نبّه إلى محدودية مراقبة السلامة المهنية بسبب قلة عدد مفتشي الشغل (نحو 500 منذ 2002)، وعدم التزام بعض المشغلين بالحد الأدنى للأجر وعدم تناسب العقوبات، إضافة إلى توسع الحبس الاحتياطي وتردد بعض القضاة في منح السراح المؤقت. وسجّل غياب تقارير عن اختفاءات قسرية أو إجهاض/تعقيم قسري، مع رصد قلق لدى بعض اليهود من تنامي معاداة السامية بعد أكتوبر 2023. وعلى مستوى الهجرة، أكد تسهيل العودة الطوعية بدعم من المنظمة الدولية للهجرة، وتيسير عودة صحراويين من الجزائر وغيرها عند الاعتراف بالسيادة على الصحراء والحصول على الوثائق من القنصليات المغربية، مع تعاون مع المفوضية الأممية للاجئين وتمويل خدمات اجتماعية لفائدة المستفيدين.

أمنياً، تفاعلت ولاية أمن أكادير بسرعة مع فيديو لتراشق بالحجارة قُدّم على أنه اعتداء عصابة بتارودانت. الأبحاث بيّنت أنه خلاف شخصي بين سائق وفتاة تربطه بها علاقة سابقة، وتدخّل ثلاثة على متن دراجة ثلاثية لرشقه بالحجارة لمنعه. وقد جرى توقيف السائق والفتاة وتحديد هويات باقي المتورطين ومن صوّر الفيديو، مع تأكيد أن الواقعة نزاع عارض لا صلة له بعصابة إجرامية.

تنموياً واقتصادياً في إفريقيا، فاز تحالف يضم شركتين مغربيتين بصفقة ضخمة لإنجاز طريق سيّار يربط واغادوغو بباماكو، في أكبر مشروع من نوعه بالقارة، بما يعزّز التجارة البينية ويخدم خطط بوركينا فاسو (2023-2025) وإطار إعادة البناء بمالي (2022-2031). ويلعب التمويل الصيني دوراً محورياً عبر قروض للبلدين، في تأكيد على جاذبية مشاريع البنية التحتية الإفريقية وتعاظم بصمة الشركات المغربية.

بيئياً وصحياً، أُحكمت السيطرة على ثلاث من أربع بؤر كبيرة في حريق غابوي بجماعة دردارة بإقليم شفشاون، مع تقدير المساحة المتضررة بحوالي 500 هكتار، فيما تواصل الطائرات إخماد البؤرة المتبقية. طبياً، أُعلن بالدار البيضاء عن نجاح أول عملية زرع كلية على مستوى القارة مع عدم توافق فصائل الدم ABO، بثمرة تنسيق بين فرق التخدير والإنعاش وأمراض الكلى والمسالك والدم والمناعة ومركز تحاقن الدم وجراحة الأوعية، مع دعم علمي من خبير دولي في هذا النوع من الزرع.

اقتصادياً ومالياً، بلغت إصدارات نفقات المقاصة حوالي 6,5 مليارات درهم مع متم يوليوز، بانخفاض 19,2% على أساس سنوي. وفي المقابل، سجّلت الخزينة عجزاً بلغ 53,7 مليار درهم حتى نهاية يوليوز، آخذةً في الاعتبار رصيداً سلبياً بنحو 4,8 مليارات درهم للحسابات الخصوصية ومرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة، فيما بلغت نفقات الميزانية العامة 325,3 مليار درهم بزيادة 5,9%.

وعن آجال الأداء، أكدت وزارة الاقتصاد والمالية تنزيل حزمة إجراءات لمعالجة الظاهرة: رقمنة مساطر الطلبيات العمومية، النشر المنتظم لآجال الأداء، وملاءمة الإطار القانوني بما يحمي حقوق المقاولات، ما ساهم في تحسن ملموس داخل القطاع العمومي.

وفي سوق الشغل والمقاولة، دافع قطاع الإدماج الاقتصادي عن حصيلة برنامج التشغيل الذاتي؛ ففي سنة 2024 وحدها تمّت مواكبة أكثر من 8.700 حامل مشروع، وإحداث 2.838 مقاولة، بما خلق أكثر من 4.400 منصب شغل مباشر. جهوياً، تم إحداث 358 مقاولة جديدة بجهة كلميم–واد نون خلال الخمسة أشهر الأولى من 2025، تتوزع بين 144 شخصاً اعتبارياً و214 شخصاً ذاتياً، في مؤشر على دينامية ريادة الأعمال جنوب المملكة.

أما قطاع الصناعة التقليدية فواصل أداءه التاريخي؛ إذ بلغت الصادرات 737 مليون درهم مع متم يوليوز، بارتفاع 14% سنوياً، فيما قفزت مبيعات يوليوز وحده 34% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

لوجستيكياً، يبرز مشروع خط بحري تجاري مرتقب بين أكادير ودكار، موضوع بروتوكول وُقّع في 11 دجنبر الماضي بين جهة سوس–ماسة وشركة بريطانية، لتوفير بديل فعّال وآمن للنقل البري وتقليص آجال وتكاليف نقل البضائع، وتعزيز المبادلات الثنائية ودعم الحركة التجارية قارياً.

ومع نظرة كلية للاقتصاد، يُرتقب—وفق تقديرات مؤسسات مالية عربية—أن يحقق المغرب نمواً بنحو 4,5% سنة 2025 و4,6% سنة 2026، مع تضخم متحكم فيه عند 1,1% ثم 1,8%، مستفيداً من سياسات حذرة وإصلاحات هيكلية، مع توصيات بتسريع التنويع والاستثمار في الطاقات المتجددة والرقمنة ودعم المقاولات الصغرى والمتوسطة وتعزيز جاذبية الاستثمار.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button