
بقلم الاستاذ: مولاي الحسن بنسيدي علي
هل حقاً نحن فقراء؟ هل نحن أولئك الذين يفتشون في الأرض عن لقمة عيش تسد الرمق، وعن قطرة ماء تروي العطش، وعن شمعة يتيمة تضيء جدران بيوتهم المظلمة؟
هل شبابنا، حقاً، يهاجر عبر قوارب الموت، نحو مجاهل لا يعرفون عنها شيئاً سوى أنها قد تكون معبراً إلى حلمٍ مفقود؟
هل صحيح أنّ المستشفيات تنعدم فيها الأدوية، وأن الأسرة لا تكفي المرضى، فيُترك الموجوع على قارعة الممرات؟
وهل واقع مدارسنا كما يُقال، حيث يكتظ التلاميذ في الأقسام كحبوب القمح في طاحونة؟
لا أظن ذلك… فما يراه الناس على أرض الواقع يشي بعكس ما يُروَّج. فنحن، وبكل يقين، في بحبوحة من العيش، ننعم بالخيرات والنعيم.
ألا ترون؟
في ليالي الصيف والشتاء على السواء، السهرات المترفة تعمر المدن، والأعراس الباذخة تُقام في أفخم القاعات، حيث تُنفق الأموال الطائلة على شيوخ الطرب الشعبي ونجوم الراي والمغنين المستوردين، كما تُشعل المسارح والشواطئ حفلات لا تنتهي.
ألا تشاهدون الحملات الانتخابية والمؤتمرات الحزبية؟ تعقد في فنادق وقاعات فاخرة، حيث الموائد ممتلئة بما لذّ وطاب، والبطون لا تعرف إلا الانتفاخ من كثرة الشبع.
ألا ترون سيارات الدولة وهي تجوب الطرقات ليل نهار بلا توقف، في خدمة راحة المسؤولين الكرام؟
ألا تعلمون أن رؤساء الجماعات – كرم الله سعيهم – يساهمون بسخاء في “إغناء” الساكنة، حتى لا يبقى بينهم محتاج أو جائع؟
نحن شعب غنيٌّ، لا مكان للفقر بيننا، ولا بؤس يقترب من أبوابنا.
كل الناس عندنا يلعقون أصابعهم من شدة الشبع، فلا أحد يردد تلك العبارة القديمة: “غرغري أو لا تغرغري، فلن تذوقي سمناً ولا عسلاً”.
بل على العكس، كل بيت يعجّ بالنعيم، وكل أسرة ترفل في الخيرات، ومن يجرؤ على القول بغير ذلك، فعليه وزره.
إنها حقيقة لا مراء فيها: نحن أغنياء… أغنياء بما يفيض على موائد القصور والولائم والانتخابات، حتى لو ظلّت القرى تترقب الكهرباء، والمستشفيات تبحث عن الأدوية، والمدارس تُكابد ضيق الحجرات.



